كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)

مِمَّا لَا حَاجَةَ بِالنَّاسِ إِلَيْهَا أَوْ كَانَتْ مِمَّا يُخْشَى مِنْهَا الْفِتْنَةُ أَوْ سُوءُ التَّأْوِيلِ وَنُقِلَ عَنِ الْمُهَلَّبِ الْفُتْيَا فِي الطَّرِيقِ وَعَلَى الدَّابَّةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ التَّوَاضُعِ فَإِنْ كَانَتْ لِضَعِيفٍ فَهُوَ مَحْمُودٌ وَإِنْ كَانَتْ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا أَوْ لِمَنْ يُخْشَى لِسَانُهُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ قُلْتُ وَالْمِثَالُ الثَّانِي لَيْسَ بِجَيِّدٍ فَقَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمَسْئُولِ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ فَيُجِيبُ ليأمن شَره فَيكون فِي هَذِهِ الْحَالَةَ مَحْمُودًا قَالَ وَاخْتُلِفَ فِي الْقَضَاءِ سَائِرًا أَوْ مَاشِيًا فَقَالَ أَشْهَبُ لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا لَمْ يَشْغَلْهُ عَنِ الْفَهْمِ وَقَالَ سَحْنُون لَا يَنْبَغِي وَقَالَ بن حَبِيبٍ لَا بَأْسَ بِمَا كَانَ يَسِيرًا وَأَمَّا الِابْتِدَاء بِالنّظرِ وَنَحْوه فَلَا قَالَ بن بَطَّالٍ وَهُوَ حَسَنٌ وَقَوْلُ أَشْهَبَ أَشْبَهُ بِالدَّلِيلِ وَقَالَ بن التِّينِ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ فِي الطَّرِيقِ فِيمَا يَكُونُ غَامِضًا كَذَا أَطْلَقَ وَالْأَشْبَهُ التَّفْصِيلُ وَقَالَ بن الْمُنِيرِ لَا تَصِحُّ حُجَّةُ مَنْ مَنَعَ الْكَلَامَ فِي الْعِلْمِ فِي الطَّرِيقِ وَأَمَّا الْحِكَايَةُ الَّتِي تُحْكَى عَنْ مَالِكٍ فِي تَعْزِيرِهِ الْحَاكِمَ الَّذِي سَأَلَهُ فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ حَدَّثَهُ فَكَانَ يَقُولُ وَدِدْتُ لَوْ زَادَنِي سِيَاطًا وَزَادَنِي تَحْدِيثًا فَلَا يَصِحُّ ثُمَّ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ حَالَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَالَةِ غَيْرِهِ فَإِنَّ غَيْرَهُ فِي مَظِنَّةِ أَنْ يَتَشَاغَلَ بِلَغْوِ الطُّرُقَاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ تَرْجَمَةُ الْفُتْيَا عَلَى الدَّابَّةِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَطَافَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ لِيَرَاهُ النَّاسُ وَلِيُشْرِفَ لَهُمْ لِيَسْأَلُوهُ وَالْأَحَادِيثُ فِي سُؤَالِ الصَّحَابَةِ وَهُوَ سَائِرٌ مَاشِيًا وراكبا كَثِيرَة

(قَوْله بَاب مَا ذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ بواب)
ذكر فِيهِ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ الْمَرْأَةِ الَّتِي جَاءَتْ تَعْتَذِرُ عَنْ قَوْلِهَا إِلَيْكَ عَنِّي لَمَّا أَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَجَدَهَا تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ بِالصَّبْرِ فَفِي الْحَدِيثِ فَجَاءَتْ إِلَى بَابِهِ فَلَمْ تَجِدْ عَلَيْهِ بَوَّابًا

[7154] قَوْلُهُ إِنَّ الصَّبْرَ عِنْدَ أَوَّلِ صَدْمَةٍ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ هُنَا إِنَّ الصَّبْرَ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ مِنْ كِتَابِ الْجَنَائِزِ وَأَنَّ الْمَرْأَةَ لَمْ تُسَمَّ وَأَنَّ الْمَقْبُورَ كَانَ وَلَدَهَا وَلَمْ يُسَمَّ أَيْضًا وَأَنَّ الَّذِي ذَكَرَ لَهَا أَنَّ الَّذِي خَاطَبَهَا هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَوَقَعَ هُنَا أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ لِامْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ هَلْ تَعْرِفِينَ فُلَانَةَ يَعْنِي صَاحِبَةَ هَذِهِ الْقِصَّةِ وَلَمْ أَعْرِفِ اسْمَ الْمَرْأَةِ الَّتِي مِنْ أَهْلِ أَنَسٍ أَيْضًا وَقَوْلُهَا إِلَيْكَ عَنِّي أَيْ كُفَّ نَفْسَكَ وَدَعْنِي وَقَوْلُهَا فَإِنَّكَ خِلْوٌ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ خَالٍ مِنْ هَمِّي قَالَ الْمُهَلَّبُ لَمْ يَكُنْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَوَّابٌ رَاتِبٌ يَعْنِي فَلَا يَرِدُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَنَاقِبِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ كَانَ بَوَّابًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جَلَسَ عَلَى الْقُفِّ قَالَ فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي شُغْلٍ مِنْ أَهْلِهِ وَلَا انْفِرَادٍ لِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ حِجَابَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَيَبْرُزُ لِطَالِبِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ دَلَّ حَدِيثُ عُمَرَ حِينَ اسْتَأْذَنَ لَهُ الْأَسْوَدُ

الصفحة 132