كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)

(قَوْلُهُ بَابُ الْحُكْمِ فِي الْبِئْرِ وَنَحْوِهَا)
ذَكَرَ فِيهِ حَدِيث عبد الله وَهُوَ بن مَسْعُودٍ فِي نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى

[7183] إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وايمانهم ثمنا قَلِيلا وَفِيهِ قَوْلُ الْأَشْعَثِ فِيَّ نَزَلَتْ وَفِي رَجُلٍ خَاصَمْتُهُ فِي بِئْرٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ وَالنُّذُور قَالَ بن بَطَّالٍ هَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ فِي أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي الظَّاهِرِ لَا يُحِلُّ الْحَرَامَ وَلَا يُبِيحُ الْمَحْظُورَ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَذَّرَ أُمَّتَهُ عُقُوبَةَ مَنِ اقْتَطَعَ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِيَمِينٍ فَاجِرَةٍ وَالْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ أَشَدِّ وَعِيدٍ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ تَحَيَّلَ عَلَى أَخِيهِ وَتَوَصَّلَ إِلَى شَيْءٍ مِنْ حَقِّهِ بِالْبَاطِلِ فَإِنَّهُ لَا يحل لَهُ لشدَّة الْإِثْم فِيهِ قَالَ بن الْمُنِيرِ وَجْهُ دُخُولِ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ فِي الْقِصَّةِ مَعَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبِئْرِ وَالدَّارِ وَالْعَبْدِ حَتَّى تَرْجَمَ عَلَى الْبِئْرِ وَحْدَهَا أَنَّهُ أَرَادَ الرَّدَّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَاءَ لَا يُمْلَكُ فَحَقَّقَ بِالتَّرْجَمَةِ أَنَّهُ يُمْلَكُ لِوُقُوعِ الْحُكْمِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فِيهَا انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ فِي التَّرْجَمَةِ عَلَى الْبِئْرِ بَلْ قَالَ وَنَحْوِهَا وَالثَّانِي لَوِ اقْتَصَرَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ مَنَعَ بَيْعَ الْمَاءِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْبِئْرِ وَلَا يَدْخُلُ الْمَاءُ وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ تَصْرِيح بِالْمَاءِ فَكيف يَصح الرَّد

(قَوْلُهُ بَابٌ بِالتَّنْوِينِ الْقَضَاءُ فِي قَلِيلِ الْمَالِ وَكَثِيره سَوَاء)
قَالَ بن الْمُنِيرِ كَأَنَّهُ خَشِيَ غَائِلَةَ التَّخْصِيصِ فِي التَّرْجَمَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ فَتَرْجَمَ بِأَنَّ الْقَضَاءَ عَامٌّ فِي كُلِّ شَيْءٍ قَلَّ أَوْ جَلَّ ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ الْمَذْكُورَ قَبْلَ بِبَاب لِقَوْلِهِ فِيهِ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ وَهُوَ يَتَنَاوَلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَنِيبَ بَعْضَ مَنْ يُرِيدُ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ دُونَ بَعْضٍ بِحَسَبِ قُوَّةِ مَعْرِفَتِهِ وَنَفَاذِ كَلِمَتِهِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ أَوْ عَلَى مَنْ قَالَ لَا يَجِبُ الْيَمِينُ إِلَّا فِي قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنَ الْمَالِ وَلَا تَجِبُ فِي الشَّيْءِ

الصفحة 178