كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)

طَلْحَة ثَلَاثًا فان قدم فِيهِنَّ فَهُوَ شَرِيكُهُمْ فِي الْأَمْرِ وَقَالَ إِنَّ النَّاسَ لَنْ يَعْدُوكُمْ أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ فَإِنْ كُنْتَ يَا عُثْمَانُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ فَاتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَحْمِلَنَّ بَنِي أُمَيَّةَ وَبَنِي أَبِي مُعَيْطٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ وَإِنْ كُنْتَ يَا عَلِيُّ فَاتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَحْمِلَنَّ بَنِي هَاشِمٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ وَإِنْ كُنْتَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَاتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَحْمِلَنَّ أَقَارِبَكَ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ قَالَ وَيَتَّبِعُ الْأَقَلُّ الْأَكْثَرَ وَمَنْ تَأَمَّرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤَمَّرَ فَاقْتُلُوهُ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَغْرَبَ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ عَنْ عَمِّهِ فَلَمْ يَذْكُرْهَا يُشِيرُ إِلَى رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ قَالَ وَتَابَعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَسَعِيدُ الزُّبَيْرِ وَحَبِيبٌ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ مَالِكٍ قُلْتُ وَسَاقَ الثَّلَاثَةَ لَكِنَّ رِوَايَةَ حَبِيبٍ مُخْتَصَرَةٌ وَالْآخَرِينَ مُوَافِقَتَانِ لِرِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ وَقد أخرج بن سَعْدٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالم عَن بن عُمَرَ قَالَ دَخَلَ الرَّهْطُ عَلَى عُمَرَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ فَسَمَّى السِّتَّةَ فَذَكَرَ قِصَّةً إِلَى أَنْ قَالَ فَإِنَّمَا الْأَمْرُ إِلَى سِتَّةٍ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَالزُّبَيْرِ وَطَلْحَةَ وَسَعْدٍ وَكَانَ طَلْحَةُ غَائِبًا فِي أَمْوَالِهِ بِالسَّرَاةِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَرَاءٍ خَفِيفَةٍ بِلَادٌ مَعْرُوفَةٌ بَين الْحجاز وَالشَّام فَبَدَأَ فِي هَذَا بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ قَبْلَ الْجَمِيعِ وَبِعُثْمَانَ قَبْلَ عَلِيٍّ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ فِي السِّيَاقِ الْأَوَّلِ لَمْ يَقْصِدِ التَّرْتِيبَ قَوْلُهُ فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إِلَخْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي مَنَاقِبِ عُثْمَانَ بِأَتَمَّ مِنْ سِيَاقِهِ وَفِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى حُضُورِ طَلْحَةَ وَأَنَّ سَعْدًا جَعَلَ أَمْرَهُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرَ إِلَى عَلِيٍّ وَطَلْحَةَ إِلَى عُثْمَانَ وَفِيهِ قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَيُّكُمْ يَبْرَأُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ وَيَكُونُ لَهُ الِاخْتِيَارُ فِيمَنْ بَقِيَ فَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ فَتُرْوَى بَعْدَ ذَلِكَ فِي عُثْمَانَ أَوْ عَلِيٍّ وَقَوْلُهُ أُنَافِسُكُمْ بِالنُّونِ وَالْفَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ أُنَازِعُكُمْ فِيهِ إِذْ لَيْسَ لِي فِي الِاسْتِقْلَالِ فِي الْخِلَافَةِ رَغْبَةٌ وَقَوْلُهُ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ أَيْ مِنْ جِهَتِهِ وَلِأَجْلِهِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَلَى بَدَلَ عَنْ وَهِيَ أَوْجَهٌ قَوْلُهُ فَلَمَّا وَلَّوْا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَمْرَهُمْ يَعْنِي أَمْرَ الِاخْتِيَارِ مِنْهُمْ قَوْلُهُ فَمَالَ النَّاسُ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ فَانْثَالَ النَّاسُ وَهِيَ بِنُونٍ وَمُثَلَّثَةٍ أَيْ قَصَدُوهُ كُلُّهُمْ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَأَصْلُ النَّثْلِ الصَّبُّ يُقَالُ نَثَلَ كِنَانَتَهُ أَيْ صَبَّ مَا فِيهَا مِنَ السِّهَامِ قَوْلُهُ وَلَا يَطَأُ عَقِبَهُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْقَافِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ أَيْ يَمْشِي خَلْفَهُ وَهِيَ كِنَايَةٌ عَنِ الْإِعْرَاضِ قَوْلُهُ وَمَالَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَعَادَهَا لِبَيَانِ سَبَبِ الْمَيْلِ وَهُوَ قَوْلُهُ يُشَاوِرُونَهُ تِلْكَ اللَّيَالِيَ زَادَ الزُّبَيْدِيُّ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ يُشَاوِرُونَهُ وَيُنَاجُونَهُ تِلْكَ اللَّيَالِيَ لَا يَخْلُو بِهِ رَجُلٌ ذُو رَأْيٍ فَيَعْدِلَ بِعُثْمَانَ أَحَدًا قَوْلُهُ بَعْدَ هَجْعٍ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ بَعْدَهَا عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ أَيْ بَعْدَ طَائِفَةٍ مِنَ اللَّيْلِ يُقَالُ لَقِيتُهُ بَعْدَ هَجْعٍ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَقُولُ بَعْدَ هَجْعَةٍ وَالْهَجْعُ وَالْهَجْعَةُ وَالْهَجِيعُ وَالْهُجُوعُ بِمَعْنًى وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ الصَّغِيرِ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ بَعْدَ هَجِيعٍ بِوَزْنِ عَظِيمٍ قَوْلُهُ فَوَاللَّهِ مَا اكْتَحَلْتُ هَذِهِ الثَّلَاثَ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِلْمُسْتَمْلِي اللَّيْلَةَ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ وَاللَّهِ مَا حَمَلْتُ فِيهَا غَمْضًا مُنْذُ ثَلَاثٍ وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فِي هَذِهِ اللَّيَالِيَ وَقَوْلُهُ بِكَثِيرِ نَوْمٍ بِالْمُثَلَّثَةِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ أَيْضًا وَهُوَ مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْعِبِ اللَّيْلَ سَهَرًا بَلْ نَامَ لَكِنْ يَسِيرًا مِنْهُ وَالِاكْتِحَالُ كِنَايَةٌ عَنْ دُخُولِ النَّوْمِ جَفْنَ الْعَيْنِ كَمَا يَدْخُلُهَا الْكُحْلُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة يُونُس مَا ذاقت عَيْنَايَ كثير نوم قَوْلُهُ فَادْعُ الزُّبَيْرَ وَسَعْدًا فَدَعَوْتُهُمَا لَهُ فَشَاوَرَهُمَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي فَسَارَّهُمَا بِمُهْمَلَةٍ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَلَمْ أَرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لِطَلْحَةَ ذِكْرًا فَلَعَلَّهُ كَانَ شَاوَرَهُ قَبْلَهُمَا قَوْلُهُ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ بِالْمُوَحَّدَةِ سَاكِنَةٌ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَمَعْنَاهُ انْتَصَفَ وَبَهْرَةُ كُلِّ شَيْءٍ وَسَطُهُ وَقِيلَ مُعْظَمُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ زَادَ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ فِي رِوَايَتِهِ فَجَعَلَ يُنَاجِيهِ تَرْتَفِعُ أَصْوَاتُهُمَا أَحْيَانًا فَلَا يَخْفَى عَلَيَّ

الصفحة 196