كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)

وَعِنْدَ انْقِضَاءِ السَّبْعِينَ لَمْ يَبْقَ مِنَ الصَّحَابَةِ أَحَدٌ فَهَذَا الَّذِي يَظْهَرُ لِي فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا تَعَرُّضُ فِيهِ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِاثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً وَعَلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ يَكُونُ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً عَلَى حَقِيقَةِ الْبَعْدِيَّةِ فَإِنَّ جَمِيعَ مَنْ وَلِيَ الْخِلَافَةَ مِنَ الصِّدِّيقِ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ نَفْسًا مِنْهُمُ اثْنَانِ لَمْ تَصِحَّ وِلَايَتُهُمَا وَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُمَا وَهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَالْبَاقُونَ اثْنَا عَشَرَ نَفْسًا عَلَى الْوَلَاءِ كَمَا أَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ وَفَاةُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَةٍ وَتَغَيَّرَتِ الْأَحْوَالُ بَعْدَهُ وَانْقَضَى الْقَرْنُ الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ خَيْرُ الْقُرُونِ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِمُ النَّاسُ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْأَكْثَرِ الْأَغْلَبِ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ لَمْ تُفْقَدْ مِنْهُمْ إِلَّا فِي الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مَعَ صِحَّةِ وِلَايَتِهِمَا وَالْحُكْمُ بِأَنَّ مَنْ خَالَفَهُمَا لَمْ يَثْبُتِ اسْتِحْقَاقُهُ إِلَّا بَعْدَ تَسْلِيم الْحسن وَبعد قتل بن الزُّبَيْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَانَتِ الْأُمُورُ فِي غَالِبِ أَزْمِنَةِ هَؤُلَاءِ الِاثْنَيْ عَشَرَ مُنْتَظِمَةً وَإِنْ وُجِدَ فِي بَعْضِ مُدَّتِهِمْ خِلَافُ ذَلِكَ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الِاسْتِقَامَةِ نَادِرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ تَكَلَّمَ بن حِبَّانَ عَلَى مَعْنَى حَدِيثِ تَدُورُ رَحَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَدُورُ رَحَى الْإِسْلَامِ لِخَمْسٍ وَثَلَاثِينَ أَوْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ انْتِقَالُ أَمْرِ الْخِلَافَةِ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ وَذَلِكَ أَنَّ قِيَامَ مُعَاوِيَةَ عَنْ عَلِيٍّ بِصِفِّينَ حَتَّى وَقَعَ التَّحْكِيمُ هُوَ مَبْدَأُ مُشَارَكَةِ بَنِي أُمَيَّةَ ثُمَّ اسْتَمَرَّ الْأَمْرُ فِي بَنِي أُمَيَّةَ مِنْ يَوْمِئِذٍ سَبْعِينَ سَنَةً فَكَانَ أَوَّلُ مَا ظَهَرَتْ دُعَاةُ بَنِي الْعَبَّاسِ بِخُرَاسَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَةٍ وَسَاقَ ذَلِكَ بِعِبَارَةٍ طَوِيلَةٍ عَلَيْهِ فِيهَا مُؤَاخَذَاتٌ كَثِيرَةٌ أَوَّلُهَا دَعْوَاهُ أَنَّ قِصَّةَ الْحَكَمَيْنِ كَانَتْ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَهُوَ خِلَافُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْأَخْبَارِ فَإِنَّهَا كَانَتْ بَعْدَ وَقْعَةِ صِفِّينَ بعد أَشْهُرٍ وَكَانَتْ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَالَّذِي قَدَّمْتُهُ أَوْلَى بِأَنْ يُحْمَلَ الْحَدِيثُ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ بَابُ إِخْرَاجِ الْخُصُومِ وَأَهْلِ الرِّيَبِ مِنَ الْبُيُوتِ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ)
وَقَدْ أَخْرَجَ عُمَرُ أُخْتَ أَبِي بَكْرٍ حِينَ نَاحَتْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ وَالْأَثَرُ الْمُعَلَّقُ فِيهَا وَالْحَدِيثُ فِي كِتَابِ الْأَشْخَاصِ وَقَالَ فِيهِ الْمَعَاصِي بَدَلَ أَهْلِ الرِّيَبِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي أَوَائِلِ بَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَقَوْلُهُ

[7224] فِي

الصفحة 215