كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)

سنة أَربع وَسَبْعِينَ بِتَقْدِيمِ السِّينِ عَلَى الصَّوَابِ

[7246] قَوْلُهُ عَبْدُ الْوَهَّاب هُوَ بن عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ وَأَيُّوبُ هُوَ السَّخْتِيَانِيُّ وَالسَّنَدُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ قَوْلُهُ أَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ وَافِدِينَ عَلَيْهِ سَنَةَ الْوُفُودِ وَقد ذكر بن سَعْدٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وِفَادَةَ بَنِي لَيْثٍ رَهْطِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ الْمَذْكُورِ كَانَتْ قَبْلَ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَكَانَتْ تَبُوكُ فِي شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ قَوْلُهُ وَنَحْنُ شَبَبَةٌ بِمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَتَيْنِ وَفَتَحَاتٍ جَمْعُ شَابٍّ وَهُوَ مَنْ كَانَ دُونَ الْكُهُولَةِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ أَوَّلِ الْكُهُولَةِ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ وَفِي رِوَايَةِ وُهَيْبٍ فِي الصَّلَاةِ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنَ قَوْمِي وَالنَّفَرُ عَدَدٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ وَهُوَ مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَى عَشَرَةٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ فِي الصَّلَاةِ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي وَجَمَعَ الْقُرْطُبِيُّ بِاحْتِمَالِ تَعَدُّدِ الْوِفَادَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ مَخْرَجَ الْحَدِيثَيْنِ وَاحِدٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّعَدُّدِ وَالْأَوْلَى فِي الْجَمْعِ أَنَّهُمْ حِينَ أَذِنَ لَهُمْ فِي السَّفَرِ كَانُوا جَمِيعًا فَلَعَلَّ مَالِكًا ورفيقه عادا إِلَى تَوْدِيعِهِ فَأَعَادَ عَلَيْهِمَا بَعْضَ مَا أَوْصَاهُمْ بِهِ تَأْكِيدًا وَأَفَادَ ذَلِكَ زِيَادَةُ بَيَانِ أَقَلِّ مَا تَنْعَقِدُ بِهِ الْجَمَاعَةُ قَوْلُهُ مُتَقَارِبُونَ أَيْ فِي السِّنِّ بَلْ فِي أَعَمَّ مِنْهُ فَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ مَسْلَمَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ وَكُنَّا يَوْمَئِذٍ مُتَقَارِبِينَ فِي الْعِلْمِ وَلِمُسْلِمٍ كُنَّا مُتَقَارِبِينَ فِي الْقِرَاءَةِ وَمِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ يُؤْخَذُ الْجَوَابُ عَنْ كَوْنِهِ قَدَّمَ الْأَسَنَّ فَلَيْسَ الْمُرَادُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْأَقْرَأِ بَلْ فِي حَالِ الِاسْتِوَاءِ فِي الْقِرَاءَةِ وَلَمْ يَسْتَحْضِرِ الْكِرْمَانِيُّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فَقَالَ يُؤْخَذُ اسْتِوَاؤُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ مِنَ الْقِصَّةِ لِأَنَّهُمْ أَسْلَمُوا وَهَاجَرُوا مَعًا وَصَحِبُوا وَلَازَمُوا عِشْرِينَ لَيْلَةً فَاسْتَوَوْا فِي الْأَخْذِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ الِاسْتِوَاءَ فِي الْعِلْمِ لِلتَّفَاوُتِ فِي الْفَهْمِ إِذْ لَا تَنْصِيصَ عَلَى الِاسْتِوَاءِ قَوْلُهُ رَقِيقًا بِقَافَيْنِ وَبِفَاءٍ ثُمَّ قَافٍ ثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَعِنْدَ رُوَاةِ مُسْلِمٍ بِقَافَيْنِ فَقَطْ وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ هُنَا قَوْلُهُ اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَهْلِينَا بِكَسْرِ اللَّامِ وَزِيَادَةِ يَاءٍ وَهُوَ جَمْعُ أَهْلٍ وَيُجْمَعُ مُكَسَّرًا عَلَى أَهَالٍ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مُخَفَّفًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ فِي الصَّلَاةِ اشْتَقْنَا إِلَى أَهْلِنَا بَدَلَ اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا وَفِي رِوَايَةِ وُهَيْبٍ فَلَمَّا رَأَى شَوْقَنَا إِلَى أَهْلِنَا وَالْمُرَادُ بِأَهْلِ كُلٍّ مِنْهُمْ زَوْجَتُهُ أَوْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ سَأَلَنَا بِفَتْحِ اللَّامِ أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ الْمَذْكُورِينَ قَوْلُهُ ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ إِنَّمَا أَذِنَ لَهُمْ فِي الرُّجُوعِ لِأَنَّ الْهِجْرَةَ كَانَتْ قَدِ انْقَطَعَتْ بِفَتْحِ مَكَّةَ فَكَانَتِ الْإِقَامَةُ بِالْمَدِينَةِ بِاخْتِيَارِ الْوَافِدِ فَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْكُنُهَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْجِعُ بَعْدَ أَنْ يتَعَلَّم مَا يحْتَاج إِلَيْهِ قَوْله وعلموهم ومرورهم بِصِيغَةِ الْأَمْرِ ضِدِّ النَّهْي وَالْمُرَادُ بِهِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الشَّيْءِ أَمْرٌ بِفِعْلٍ خِلَافَ مَا نُهِيَ عَنْهُ اتِّفَاقًا وَعَطَفَ الْأَمْرَ عَلَى التَّعْلِيمِ لِكَوْنِهِ أَخَصَّ مِنْهُ أَوْ هُوَ اسْتِئْنَافٌ كَأَنَّ سَائِلًا قَالَ مَاذَا نُعَلِّمُهُمْ فَقَالَ مُرُوهُمْ بِالطَّاعَاتِ وَكَذَا وَكَذَا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَبْوَابِ الْإِمَامَةِ مُرُوهُمْ فَلْيُصَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا وَصَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا فَعُرِفَ بِذَلِكَ الْمَأْمُورُ الْمُبْهَمُ فِي رِوَايَةِ الْبَابِ وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ بَيَانَ الْأَوْقَاتِ فِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ فَكَأَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ لِشُهْرَتِهَا عِنْدَهُمْ قَوْلُهُ وَذَكَرَ أَشْيَاءَ أَحْفَظُهَا وَلَا أَحْفَظُهَا قَائِلُ هَذَا هُوَ أَبُو قِلَابَةَ رَاوِي الْخَبَرَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَوْ لَا أَحْفَظُهَا وَهُوَ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلشَّكِّ قَوْلُهُ وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي أَيْ وَمِنْ جُمْلَةِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَحْفَظُهَا أَبُو قِلَابَةَ عَنْ مَالِكٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ وُهَيْبٍ وَصَلُّوا فَقَطْ وَنُسِبَتْ إِلَى الِاخْتِصَارِ وَتَمَامُ الْكَلَامِ هُوَ الَّذِي وَقَعَ هُنَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا تَامًّا فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ فِي كتاب الْأَدَب قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ اسْتَدَلَّ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ عَلَى الْوُجُوبِ بِالْفِعْلِ مَعَ هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي قَالَ وَهَذَا إِذَا أُخِذَ مُفْرَدًا عَنْ ذِكْرِ سَبَبِهِ وَسِيَاقِهِ أَشْعَرَ بِأَنَّهُ خِطَابٌ لِلْأُمَّةِ بِأَنْ يُصَلُّوا كَمَا كَانَ

الصفحة 236