كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)
الْحَبِّ فَعَلَى هَذَا فَالْمَعْنَى وَأَنْتُمْ تَأْخُذُونَ الْمَالَ فَتُفَرِّقُونَهُ بَعْدَ أَنْ تَحُوزُوهُ وَاسْتَعَارَ لِلْمَالِ مَا لِلطَّعَامِ لِأَنَّ الطَّعَامَ أَهَمُّ مَا يُقْتَنَى لِأَجْلِهِ الْمَالُ وَزَعَمَ أَنَّ فِي بَعْضِ نُسَخِ الصَّحِيحِ وَأَنْتُمْ تَلْعَقُونَهَا بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ قَافٍ قُلْتُ وَهُوَ تَصْحِيفٌ وَلَوْ كَانَ لَهُ بَعْضُ اتِّجَاهٍ وَالثَّالِثَةُ جَاءَتْ مِنْ رِوَايَةِ عَقِيلٍ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ بِلَفْظِ تَنْتَثِلُونَهَا بِمُثَنَّاةٍ ثُمَّ نُونٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ وَلِبَعْضِهِمْ بِحَذْفِ الْمُثَنَّاةِ الثَّانِيَةِ مِنَ النَّثْلِ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَهُوَ الِاسْتِخْرَاجُ نَثَلَ كِنَانَتَهُ اسْتَخْرَجَ مَا فِيهَا مِنَ السِّهَامِ وَجِرَابُهُ نَفَضَ مَا فِيهِ وَالْبِئْرُ أَخْرَجَ تُرَابَهَا فَمَعْنَى تَنْتَثِلُونَهَا تَسْتَخْرِجُونَ مَا فِيهَا وَتَتَمَتَّعُونَ بِهِ قَالَ بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ هَذَا الْمَحْفُوظُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ النَّوَوِيُّ يَعْنِي مَا فُتِحَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الدُّنْيَا وَهُوَ يَشْمَلُ الْغَنَائِمَ وَالْكُنُوزَ وَعَلَى الْأَوَّلِ اقْتَصَرَ الْأَكْثَرُ وَوَقَعَ عِنْدَ بَعْضِ رُوَاةِ مُسْلِمٍ بِالْمِيمِ بَدَلَ النُّونِ الْأُولَى وَهُوَ تَحْرِيف
[7274] قَوْله عَن سعيد هُوَ بن أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ وَاسْمُ أَبِي سَعِيدٍ كَيْسَانُ قَوْلُهُ مَا مِثْلُهُ أُومِنَ أَوْ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ أَوْ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي فَالْأُولَى بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مِنَ الْأَمْنِ وَالثَّانِيَةُ بِالْمَدِّ وَفَتْحِ الْمِيمِ مِنَ الْإِيمَانِ وَحَكَى بن قَرْقُولٍ أَنَّ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ بِغَيْرِ مَدٍّ مِنَ الْأَمَانِ وَصَوَّبَهَا بن التِّينِ فَلَمْ يُصِبْ وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي أُوتِيتُ بِحَذْفِ الْهَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ هَذَا الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى فِي أَوَائِلِ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَعْنَى الْحَصْرِ فِي قَوْلِهِ إِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ أَنَّ الْقُرْآنَ أَعْظَمُ الْمُعْجِزَاتِ وَأَفْيَدُهَا وَأَدْوَمُهَا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الدَّعْوَةِ وَالْحُجَّةِ وَدَوَامِ الِانْتِفَاعِ بِهِ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ فَلَمَّا كَانَ لَا شَيْءَ يُقَارِبُهُ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُسَاوِيَهُ كَانَ مَا عَدَاهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ كَأَنْ لَمْ يَقَعْ قِيلَ يُؤْخَذُ مِنْ إِيرَادِ الْبُخَارِيِّ هَذَا الْحَدِيثِ عَقِبَ الَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ الرَّاجِحَ عِنْدَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ الْقُرْآنُ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ فَإِنَّ دُخُولَ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ لَا شَكَّ فِيهِ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ هَلْ يَدْخُلُ غَيْرُهُ مِنْ كَلَامِهِ مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ وَقَدْ ذَكَرُوا مِنْ أَمْثِلَةِ جَوَامِعِ الْكَلَامِ فِي الْقُرْآنِ قَوْلَهُ تَعَالَى وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَاب لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون وَقَوْلَهُ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ ويتقه فَأُولَئِك هم الفائزون إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَمِنْ أَمْثِلَةِ جَوَامِعِ الْكَلِمِ مِنَ الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ حَدِيثُ عَائِشَةَ كُلُّ عَمَلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ وَحَدِيثُ كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ قَرِيبا وَحَدِيث الْمِقْدَام مَا مَلأ بن آدَمَ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنِهِ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَة وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَكْثُرُ بالتتبع وانما يُسَلَّمُ ذَلِكَ فِيمَا لَمْ تَتَصَرَّفِ الرُّوَاةُ فِي أَلْفَاظِهِ وَالطَّرِيقُ إِلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ تَقِلَّ مَخَارِجُ الْحَدِيثِ وَتَتَّفِقَ أَلْفَاظُهُ وَإِلَّا فَإِنَّ مَخَارِجَ الْحَدِيثِ إِذَا كَثُرَتْ قَلَّ أَنْ تَتَّفِقَ أَلْفَاظُهُ لِتَوَارُدِ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ عَلَى الِاقْتِصَارِ عَلَى الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى بِحَسْبِ مَا يَظْهَرُ لِأَحَدِهِمْ أَنَّهُ وَافٍ بِهِ وَالْحَامِلُ لِأَكْثَرِهِمْ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَكْتُبُونَ وَيَطُولُ الزَّمَانُ فَيَتَعَلَّقُ الْمَعْنَى بِالذِّهْنِ فَيَرْتَسِمْ فِيهِ وَلَا يَسْتَحْضِرُ اللَّفْظَ فَيُحَدِّثَ بِالْمَعْنَى لِمَصْلَحَةِ التَّبْلِيغِ ثُمَّ يَظْهَرُ مِنْ سِيَاقِ مَا هُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يُوَفِّ بِالْمَعْنَى
الصفحة 248