كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)

لَا يَدْرِي لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِغُ فِي يَدِهِ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ الْخَلِيلُ فِي الْعَيْنِ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنَ الْقَوْمِ نَزْغًا حَمَلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْفَسَادِ وَمِنْهُ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَان بيني وَبَين أخوتي وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَمَعْنَاهُ قَلَعَ وَنَزَعَ بِالسَّهْمِ رَمَى بِهِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُغْرِي بَيْنَهُمْ حَتَّى يَضْرِبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِسِلَاحِهِ فَيُحَقِّقَ الشَّيْطَان ضَربته لَهُ وَقَالَ بن التِّينِ مَعْنَى يَنْزِعُهُ يَقْلَعُهُ مِنْ يَدِهِ فَيُصِيبُ بِهِ الْآخَرَ أَوْ يَشُدُّ يَدَهُ فَيُصِيبُهُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ ضَبَطْنَاهُ وَنَقَلَهُ عِيَاضٌ عَنْ جَمِيعِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَمَعْنَاهُ يَرْمِي بِهِ فِي يَدِهِ وَيُحَقِّقُ ضَرْبَتَهُ وَمَنْ رَوَاهُ بِالْمُعْجَمَةِ فَهُوَ مِنَ الْإِغْرَاءِ أَيْ يُزِيِّنُ لَهُ تَحْقِيقَ الضَّرْبَةِ قَوْلُهُ فَيَقَعُ فِي حُفْرَةِ مِنَ النَّارِ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ وُقُوعِهِ فِي الْمَعْصِيَةِ الَّتِي تُفْضِي بِهِ إِلَى دُخُول النَّار قَالَ بن بَطَّالٍ مَعْنَاهُ أَنْ أَنْفَذَ عَلَيْهِ الْوَعِيدَ وَفِي الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَمَّا يُفْضِي إِلَى الْمَحْذُورِ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَحْذُورُ مُحَقَّقًا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي جَدٍّ أَوْ هَزْلٍ وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ مَرْفُوعًا مِنْ رِوَايَةِ ضَمْرَةَ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُ الْمَلَائِكَةُ تَلْعَنُ أَحَدَكُمْ إِذَا أَشَارَ إِلَى الْآخَرِ بِحَدِيدَةٍ وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ عَن بن سِيرِينَ عَنْهُ وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ أَصْلَهُ مَوْقُوفًا مِنْ رِوَايَة خَالِد الْحذاء عَن بن سِيرِينَ بِلَفْظِ مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ لَعَنَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ وَكَذَا صَحَّحَهُ أَبُو حَاتِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَالَ فِي طَرِيق ضَمرَة مُنكر وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ جَابِرٍ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتَعَاطَى السَّيْفُ مَسْلُولًا وَلِأَحْمَدَ وَالْبَزَّارِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقَوْمٍ فِي مَجْلِسٍ يَسُلُّونَ سَيْفًا يَتَعَاطَوْنَهُ بَيْنَهُمْ غَيْرَ مَغْمُودٍ فَقَالَ أَلَمْ أَزْجُرْ عَنْ هَذَا إِذَا سَلَّ أَحَدُكُمُ السَّيْفَ فَلْيُغْمِدْهُ ثُمَّ لِيُعْطِهِ أَخَاهُ وَلِأَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ نَحْوُهُ وَزَادَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا إِذَا سَلَّ أَحَدُكُمْ سَيْفَهُ فَأَرَادَ أَنْ يُنَاوِلَهُ أَخَاهُ فَلْيُغْمِدْهُ ثُمَّ يناوله إِيَّاه قَالَ بن الْعَرَبِيِّ إِذَا اسْتَحَقَّ الَّذِي يُشِيرُ بِالْحَدِيدَةِ اللَّعْنَ فَكَيْفَ الَّذِي يُصِيبُ بِهَا وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ اللَّعْنَ إِذَا كَانَتْ إِشَارَتُهُ تَهْدِيدًا سَوَاءٌ كَانَ جَادًّا أَمْ لَاعِبًا كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنَّمَا أُوخِذَ اللَّاعِبُ لِمَا أَدْخَلَهُ عَلَى أَخِيهِ مِنَ الرَّوْعِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ إِثْمَ الْهَازِلِ دُونَ إِثْمِ الْجَادِّ وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْ تَعَاطِي السَّيْفِ مَسْلُولًا لِمَا يُخَافُ مِنَ الْغَفْلَةِ عِنْدَ التَّنَاوُلِ فَيَسْقُطُ فَيُؤْذِي الحَدِيث الرَّابِعُ حَدِيثُ جَابِرٍ

[7073] قَوْلُهُ قُلْتُ لِعَمْرٍو يَعْنِي بن دِينَارٍ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ هُوَ الْقَائِلُ نَعَمْ جَوَابًا لِقَوْلِ سُفْيَانَ لَهُ أَسَمِعْتَ جَابِرًا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ الْمَسَاجِدِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ قَوْلُهُ فِي الطَّرِيقِ الثَّالِثَةِ بِأَسْهُمٍ هُوَ جَمْعُ قِلَّةٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فِي الطَّرِيقِ الْأُولَى بِسِهَامٍ أَنَّهَا سِهَامٌ قَلِيلَةٌ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَنَّ الْمَارَّ الْمَذْكُورَ كَانَ يَتَصَدَّقُ بِهَا

[7074] قَوْلُهُ قَدْ بَدَا فِي رِوَايَةٍ غَيْرِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أُبْدِي وَالنُّصُولُ بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ نَصْلٍ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَيُجْمَعُ عَلَى نِصَالٍ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَالنَّصْلُ حَدِيدَةُ السَّهْمِ قَوْلُهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِنُصُولِهَا يُفَسِّرُ قَوْلَهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَمْسِكْ بِنِصَالِهَا قَوْلُهُ لَا يَخْدِشُ مُسْلِمًا بِمُعْجَمَتَيْنِ هُوَ تَعْلِيلٌ لِلْأَمْرِ بِالْإِمْسَاكِ عَلَى النِّصَالِ وَالْخَدْشُ أَوَّلُ الْجِرَاحِ الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى وَهُوَ بِإِسْنَادِ مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ

[7075] قَوْلُهُ إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ إِلَخْ فِيهِ أَنَّ الْحُكْمَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ بِخِلَافِ حَدِيثِ جَابِرٍ فَإِنَّهُ وَاقِعَةُ حَالٍ لَا تَسْتَلْزِمُ التَّعْمِيمَ وَقَوْلُهُ فَلْيَقْبِضْ بِكَفِّهِ أَيْ عَلَى النِّصَالِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصُ ذَلِكَ بَلْ يَحْرِصُ عَلَى أَنْ لَا يُصِيبَ مُسْلِمًا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا بِشَيْءٍ وَقَوْلُهُ أَنْ يُصِيبَ بِهَا بِفَتْحِ أَنْ وَالتَّقْدِيرُ كَرَاهِيَةَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ لِئَلَّا يُصِيبَ

الصفحة 25