كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)
اتَّبَعَهُ كَانَ فِي الْجَنَّةِ قَوْلُهُ فَمَنْ أَطَاعَ مُحَمَّدًا فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ أَيْ لِأَنَّهُ رَسُولُ صَاحِبِ الْمَأْدُبَةِ فَمَنْ أَجَابَهُ وَدَخَلَ فِي دَعَوْتِهِ أَكَلَ مِنَ الْمَأْدُبَةِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ وَوَقَعَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدٍ وَلَفْظُهُ وَأَنْتَ يَا مُحَمَّدُ رَسُولُ اللَّهِ فَمَنْ أَجَابَكَ دَخَلَ الْإِسْلَامَ وَمَنْ دَخَلَ الْإِسْلَامَ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ أَكَلَ مَا فِيهَا قَوْلُهُ وَمُحَمَّدٌ فَرَّقَ بَيْنَ النَّاسِ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ فِعْلًا مَاضِيًا وَلِغَيْرِهِ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَالتَّنْوِينِ وَكِلَاهُمَا مُتَّجَهٌ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا التَّمْثِيلِ تَشْبِيهَ الْمُفْرَدِ بِالْمُفْرَدِ بَلْ تَشْبِيهَ الْمُرَكَّبِ بِالْمُرَكَّبِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ مُطَابَقَةِ الْمُفْرَدَاتِ مِنَ الطَّرَفَيْنِ انْتَهَى وَقَدْ وَقَعَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الطَّرِيقِ مَا يَدُلُّ على الْمُطَابقَة الْمَذْكُورَة زَاد فِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ قَالَ سَمِعْتُ مَا قَالَ هَؤُلَاءِ هَلْ تَدْرِي مَنْ هُمْ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ هُمُ الْمَلَائِكَةُ وَالْمَثَلُ الَّذِي ضَرَبُوا الرَّحْمَنُ بَنَى الْجَنَّةَ وَدَعَا إِلَيْهَا عِبَادَهُ الحَدِيث تَنْبِيه تقدم فِي كتاب الْأَدَب مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَلِيمِ بْنِ حَيَّانَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلِي وَمَثَلُ الْأَنْبِيَاءِ كَرَجُلٍ بَنَى دَارًا فَأَكْمَلَهَا وَأَحْسَنَهَا إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ الْحَدِيثَ وَهُوَ حَدِيثٌ آخَرُ وَتَمْثِيلٌ آخَرُ فَالْحَدِيثُ الَّذِي فِي الْأَدَب يَتَعَلَّقُ بِالنُّبُوَّةِ وَكَوْنُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَهَذَا يَتَعَلَّقُ بِالدُّعَاءِ إِلَى الْإِسْلَامِ وَبِأَحْوَالِ مَنْ أَجَابَ أَوِ امْتَنَعَ وَقَدْ وَهَمَ مَنْ خَلَطَهُمَا كَأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ فَإِنَّهُ لَمَّا ضَاقَ عَلَيْهِ مَخْرَجُ حَدِيثِ الْبَابِ وَلَمْ يَجِدْهُ مَرْوِيًّا عِنْدَهُ أَوْرَدَ حَدِيثَ اللَّبِنَةِ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُمَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا بَيَّنْتُهُ وَسَلِمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجِدْهُ فِي مَرْوِيَّاتِهِ أَوْرَدَهُ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ بِالْإِجَازَةِ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِسَنَدِهِ وَقَدْ رَوَى يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ بِهَذَا السَّنَدِ حَدِيثَ اللَّبِنَةِ أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي كِتَابِ الْأَمْثَالِ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ سِنَانٍ الْوَاسِطِيِّ عَنْهُ وَسَاقَ بِهَذَا السَّنَدِ حَدِيثَ مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا الْحَدِيثَ لَكِنَّهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا عَنْ جَابِرٍ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّامَهُرْمُزِيُّ حَدِيثَ الْبَابِ فِي كِتَابِ الْأَمْثَالِ مُعَلَّقًا فَقَالَ وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ فَسَاقَ السَّنَدَ وَلَمْ يُوصَلْ سَنَدُهُ بِيَزِيدَ وَأَوْرَدَ مَعْنَاهُ مِنْ مُرْسَلِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ قَوْلُهُ تَابَعَهُ قُتَيْبَةُ عَنْ لَيْث يَعْنِي بن سعد عَن خَالِد يَعْنِي بن يَزِيدَ وَهُوَ أَبُو عَبْدِ الرَّحِيمِ الْمِصْرِيُّ أَحَدُ الثِّقَاتِ قَوْلُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ مِنَ الْحَدِيثِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ مِثْلُهُ وَقَدْ بَيَّنْتُ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الِاخْتِلَافِ وَقَدْ وَصَلَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ بِهَذَا السَّنَدِ وَوَصَلَهُ أَيْضًا الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ وَأَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعَبَّاسِ السَّرَّاجِ كِلَاهُمَا عَنْ قُتَيْبَةَ وَنَسَبَ السَّرَّاجُ فِي رِوَايَتِهِ اللَّيْثَ وَشَيْخَهُ كَمَا ذَكَرْتُهُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ هَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ لَمْ يُدْرِكْ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قُلْتُ وَفَائِدَةُ إِيرَادِ الْبُخَارِيِّ لَهُ رَفْعُ التَّوَهُّمِ عَمَّنْ يَظُنُّ أَنَّ طَرِيقَ سَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ مَوْقُوفَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِرَفْعِ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى بِهَذِهِ الطَّرِيقِ لِتَصْرِيحِهَا ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَجَاءَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْنَادٍ أَصَحَّ مِنْ هَذَا قَالَ وَفِي الْبَاب عَن بن مَسْعُود ثمَّ سَاقه بِسَنَدِهِ إِلَى بن مَسْعُودٍ وَصَحَّحَهُ وَقَدْ بَيَّنْتُ مَا فِيهِ أَيْضًا بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَوَصَفَ التِّرْمِذِيُّ لَهُ بِأَنَّهُ مُرْسَلٌ يُرِيدُ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ بَيْنَ سَعِيدٍ وَجَابِرٍ وَقَدِ اعْتَضَدَ هَذَا الْمُنْقَطِعُ بِحَدِيثِ رَبِيعَةَ الْجَرْشِيِّ عِنْد الطَّبَرَانِيّ فَإِنَّهُ ينحو سِيَاقِهِ وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ غَيْرُ سَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ الَّذِي فِي السَّنَدِ الأول وكل مِنْهُمَا مدنِي لَكِن بن ميناء تَابِعِيّ بِخِلَاف بن أَبِي هِلَالٍ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا إِمَّا بِتَعَدُّدِ الْمَرْئِيِّ وَهُوَ وَاضِحٌ أَوْ بِأَنَّهُ مَنَامٌ وَاحِدٌ حَفِظَ فِيهِ بَعْضُ الرُّوَاةِ مَا لَمْ يَحْفَظْ غَيْرُهُ وَتَقَدَّمَ طَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَ اقْتِصَارِهِ عَلَى جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ فِي حَدِيثٍ وَذِكْرُهُ الْمَلَائِكَةَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ فِي الْجَانِبَيْنِ الدَّالُّ عَلَى الْكَثْرَةِ فِي آخَرَ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ
الصفحة 256