كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)

غَيْرِهَا وَقَالَ غَيْرُهُ السِّرُّ فِي تَخْصِيصِ الْمَدِينَةِ بِالذِّكْرِ أَنَّهَا كَانَتْ إِذْ ذَاكَ مَوْطِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَارَتْ مَوْضِعَ الْخُلَفَاء الرَّاشِدين

(قَوْلُهُ بَابُ مَا يُذْكَرُ مِنْ ذَمِّ الرَّأْيِ)
أَيِ الْفَتْوَى بِمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ النَّظَرُ وَهُوَ يَصْدُقُ عَلَى مَا يُوَافِقُ النَّصَّ وَعَلَى مَا يُخَالِفُهُ وَالْمَذْمُومُ مِنْهُ مَا يُوجَدُ النَّصُّ بِخِلَافِهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ مِنْ إِلَى أَنَّ بَعْضَ الْفَتْوَى بِالرَّأْيِ لَا تُذَمُّ وَهُوَ إِذَا لَمْ يُوجَدِ النَّصُّ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ وَقَوْلُهُ وَتَكَلُّفُ الْقِيَاسِ أَيْ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ وَاحْتَاجَ إِلَى الْقِيَاسِ فَلَا يَتَكَلَّفْهُ بَلْ يَسْتَعْمِلْهُ عَلَى أَوْضَاعِهِ وَلَا يَتَعَسَّفْ فِي إِثْبَاتِ الْعِلَّةِ الْجَامِعَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ بَلْ إِذَا لَمْ تَكُنِ الْعِلَّةُ الْجَامِعَةُ وَاضِحَةً فَلْيَتَمَسَّكْ بِالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَيَدْخُلُ فِي تَكَلُّفِ الْقِيَاسِ مَا إِذَا اسْتَعْمَلَهُ عَلَى أَوْضَاعِهِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ وَمَا إِذَا وَجَدَ النَّصَّ فَخَالَفَهُ وَتَأَوَّلَ لِمُخَالَفَتِهِ شَيْئًا بَعِيدًا وَيَشْتَدُّ الذَّمُّ فِيهِ لِمَنْ يَنْتَصِرُ لِمَنْ يُقَلِّدُهُ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ الْأَوَّلُ اطَّلَعَ عَلَى النَّصِّ قَوْلُهُ وَلَا تقف لَا تَقُلْ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ احْتَجَّ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ ذَمِّ التَّكَلُّفِ بِالْآيَةِ وَتَفْسِير القفو بالْقَوْل من كَلَام بن عَبَّاس فِيمَا أخرجه الطَّبَرِيّ وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ وَكَذَا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ قَتَادَة لَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم لَا تَقُلْ رَأَيْتُ وَلَمْ تَرَ وَسَمِعْتُ وَلَمْ تَسْمَعْ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ الِاتِّبَاعُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ مُوسَى وَالْخَضِرِ فَانْطَلَقَ يَقْفُو أَثَرَهُ أَيْ يَتْبَعُهُ وَفِي حَدِيثِ الصَّيْدِ يَقْتَفِي أَثَرَهُ أَيْ يَتْبَعُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْنَاهُ لَا تَتَّبِعْ مَا لَا تعلم ومالا يَعْنِيكَ وَقَالَ الرَّاغِبُ الِاقْتِفَاءُ اتِّبَاعُ

الصفحة 282