كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)
(قَوْلُهُ بَابُ تَعْلِيمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أمته من الرِّجَال وَالنِّسَاء مِمَّا علمه اللَّهُ)
لَيْسَ بِرَأْيٍ وَلَا تَمْثِيلٍ قَالَ الْمُهَلَّبُ مُرَادُهُ أَنَّ الْعَالِمَ إِذَا كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِالنُّصُوصِ لَا يُحَدِّثُ بِنَظَرِهِ وَلَا قِيَاسِهِ انْتَهَى وَالْمُرَادُ بِالتَّمْثِيلِ الْقِيَاسُ وَهُوَ إِثْبَاتُ مِثْلِ حُكْمٍ مَعْلُومٍ فِي آخَرَ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي عِلَّةِ الْحُكْمِ وَالرَّأْيُ أَعَمُّ وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ فِي سُؤَالِ الْمَرْأَةِ قَدْ ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ وَفِيهِ فَأَتَاهُنَّ فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ وَفِيهِ ثُمَّ قَالَ مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْهَا مِنْ وَلَدِهَا ثَلَاثَةً وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْجَنَائِزِ وَفِي الْعِلْمِ وَقَوْلُهُ
[7310] جَاءَتِ امْرَأَةٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ هِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ يزِيد بْنِ السَّكَنِ وَقَوْلُهُ هُنَا فَأَتَاهُنَّ فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ تَقَدَّمَ هُنَاكَ بِلَفْظِ فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ فَوَعَظَهُنَّ فَأَمَرَهُنَّ فَكَانَ فِيمَا قَالَ لَهُنَّ فَذَكَرَ نَحْوَ مَا هُنَا وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ بَيَانَ مَا عَلَّمَهُنَّ لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْآخَرِ الْمَاضِي فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ وَفِيهِ فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَقَامَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ لِمَ وَفِيهِ أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ وَأَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ وَأَنَّ الْمَرْأَةَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ أَسْمَاءُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ مَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ مِنَ الْحَدِيثِ قَوْلُهُ كُنَّ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ فَإِنَّهُ أَمْرٌ تَوْقِيفِيٌّ لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى لَا دَخْلَ لِلْقِيَاسِ وَالرَّأْيِ فِيهِ
(قَوْلُهُ بَابُ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ)
هَذِهِ التَّرْجَمَةُ لَفْظُ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ ثَوْبَانَ وَبَعْدَهُ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مِثْلُهُ لَكِنْ قَالَ يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ نَحْوُهُ قَوْلُهُ وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ هُوَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَ الْبَابِ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ هُوَ الْبُخَارِيُّ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ هُمْ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ وَذَكَرَ فِي كِتَابِ خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ عَقِبَ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي قَوْله تَعَالَى وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا هُمُ الطَّائِفَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ثُمَّ سَاقَهُ وَقَالَ وَجَاءَ نَحْوُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمُعَاوِيَةَ وَجَابِرٍ وَسَلَمَةَ بْنِ نُفَيْلٍ وَقُرَّةَ بْنِ إِيَاسٍ انْتَهَى وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَحْمَدَ إِنْ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ الْحَدِيثِ فَلَا أَدْرِي مَنْ هُمْ وَمِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ مِثْلُهُ وَزَعَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ اسْتَفَادَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ لِأَنَّ فِيهِ مِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ يُؤْخَذُ مِنَ الِاسْتِقَامَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الِاسْتِقَامَةِ أَنْ يَكُونَ التَّفَقُّهَ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ قَالَ وَبِهَذَا تَرْتَبِطُ
الصفحة 293