كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)

قَوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

(كِتَابُ الْفِتَنِ)
فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَالْأَصِيلِيِّ تَأْخِيرُ الْبَسْمَلَةِ وَالْفِتَنُ جمع فتْنَة قَالَ الرَّاغِبُ أَصْلُ الْفِتَنِ إِدْخَالُ الذَّهَبِ فِي النَّارِ لِتَظْهَرَ جَوْدَتُهُ مِنْ رَدَاءَتِهِ وَيُسْتَعْمَلُ فِي إِدْخَالِ الْإِنْسَانِ النَّارَ وَيُطْلَقُ عَلَى الْعَذَابِ كَقَوْلِهِ ذوقوا فتنتكم وَعَلَى مَا يَحْصُلُ عِنْدَ الْعَذَابِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى الا فِي الْفِتْنَة سقطوا وعَلى الاختبار كَقَوْلِه وَفَتَنَّاك فُتُونًا وَفِيمَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ الإِنْسَانُ مِنْ شِدَّةٍ وَرَخَاءٍ وَفِي الشِّدَّةِ أَظْهَرُ مَعْنًى وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا قَالَ تَعَالَى ونبلوكم بِالشَّرِّ وَالْخَيْر فتْنَة وَمِنْه قَوْله وان كَادُوا لَيَفْتِنُونَك أَيْ يُوقِعُونَكَ فِي بَلِيَّةٍ وَشِدَّةٍ فِي صَرْفِكَ عَنِ الْعَمَلِ بِمَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَقَالَ أَيْضًا الْفِتْنَةُ تَكُونُ مِنَ الْأَفْعَالِ الصَّادِرَةِ مِنَ اللَّهِ وَمن العَبْد كالبلية والمصيبة وَالْقَتْل وَالْعَذَابِ وَالْمَعْصِيَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَكْرُوهَاتِ فَإِنْ كَانَتْ مِنَ اللَّهِ فَهِيَ عَلَى وَجْهِ الْحِكْمَةِ وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْإِنْسَانِ بِغَيْرِ أَمْرِ اللَّهِ فَهِيَ مَذْمُومَةٌ فَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ الْإِنْسَانَ بِإِيقَاعِ الفِتْنَةِ كَقَوْلِه والفتنة أَشد من الْقَتْل وَقَوله ان الَّذين فتنُوا الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات وَقَوله مَا أَنْتُم عَلَيْهِ بفاتنين وَقَوله بأيكم الْمفْتُون وَكَقَوْلِه واحذرهم ان يفتنوك وَقَالَ غَيْرُهُ أَصْلُ الْفِتْنَةِ الِاخْتِبَارُ ثُمَّ اسْتُعْمِلَتْ فِيمَا أَخْرَجَتْهُ الْمِحْنَةُ وَالِاخْتِبَارُ إِلَى الْمَكْرُوهِ ثُمَّ أُطْلِقَتْ عَلَى كُلِّ مَكْرُوهٍ أَوْ آيِلٍ إِلَيْهِ كَالْكُفْرِ وَالْإِثْمِ وَالتَّحْرِيقِ وَالْفَضِيحَةِ وَالْفُجُورِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

الصفحة 3