كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)

فَأَخْطَأَ ان يَأْثَم بذلك بل إِذا بذل وَسعه أجر فان أصَاب ضوعف أجره لَكِن لَو أقدم فَحكم أَو أفتى بِغَيْر علم لحقه الْإِثْم كَمَا تقدّمت الْإِشَارَة إِلَيْهِ قَالَ بن الْمُنْذر وانما يُؤجر الْحَاكِم إِذا أَخطَأ إِذا كَانَ عَالما بِالِاجْتِهَادِ فاجتهد وَأما إِذا لم يكن عَالما فَلَا وَاسْتدلَّ بِحَدِيث الْقُضَاة ثَلَاثَة وَفِيه وقاض قضى بِغَيْر حق فَهُوَ فِي النَّار وقاض قضى وَهُوَ لَا يعلم فَهُوَ فِي النَّار وَهُوَ حَدِيث أخرجه أَصْحَاب السّنَن عَن بُرَيْدَة بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة وَقد جمعت طرقه فِي جُزْء مُفْرد وَيُؤَيّد حَدِيث الْبَاب مَا وَقع فِي قصَّة سُلَيْمَان فِي حكم دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فِي أَصْحَاب الْحَرْث وَقد تقدّمت الْإِشَارَة إِلَيْهَا فِيمَا مضى قَرِيبا وَقَالَ الْخطابِيّ فِي معالم السّنَن انما يُؤجر الْمُجْتَهد إِذا كَانَ جَامعا لآلة الِاجْتِهَاد فَهُوَ الَّذِي نعذره بالْخَطَأ بِخِلَاف الْمُتَكَلف فيخاف عَلَيْهِ ثمَّ انما يُؤجر الْعَالم لِأَن اجْتِهَاده فِي طلب الْحق عبَادَة هَذَا إِذا أصَاب واما إِذا أَخطَأ فَلَا يُؤجر على الْخَطَأ بل يوضع عَنهُ الْإِثْم فَقَط كَذَا قَالَ وَكَأَنَّهُ يرى ان قَوْله وَله أجر وَاحِد مجَاز عَن وضع الْإِثْم

[7352] قَوْله عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث هُوَ التَّيْمِيّ تَابِعِيّ مدنِي ثِقَة مَشْهُور ولأبيه صُحْبَة وَبسر بِضَم الْمُوَحدَة وَسُكُون الْمُهْملَة وَأَبُو قيس مولى عَمْرو بن الْعَاصِ لَا يعرف اسْمه كَذَا قَالَه البُخَارِيّ وَتَبعهُ الْحَاكِم أَبُو احْمَد وَجزم بن يُونُس فِي تَارِيخ مصر بِأَنَّهُ عبد الرَّحْمَن بن ثَابت وَهُوَ أعرف بالمصريين من غَيره وَنقل عَن مُحَمَّد بن سَحْنُون انه سمى أَبَاهُ الحكم وَخَطأَهُ فِي ذَلِك وَحكى الدمياطي أَن اسْمه سعد وَعَزاهُ لمُسلم فِي الكنى وَقد راجعت نسخا من الكنى لمُسلم فَلم ار ذَلِك فِيهَا مِنْهَا نُسْخَة بِخَط الدَّارَقُطْنِيّ الْحَافِظ وقرأت بِخَط الْمُنْذِرِيّ وَقع عِنْد السبتي يَعْنِي بن حبَان فِي صَحِيحه عَن أبي قَابُوس بدل أبي قيس كَذَا جزم بِهِ وَقد رجعت عدَّة نسخ من صَحِيح بن حبَان فَوجدت فِيهَا عَن أبي قيس احداها صححها بن عَسَاكِر وَفِي السَّنَد أَرْبَعَة من التَّابِعين فِي نسق اولهم يزِيد بن عبد الله وَهُوَ الْمَعْرُوف بِابْن الْهَاد وَمَا لأبي قيس فِي البُخَارِيّ الا هَذَا الحَدِيث قَوْله اذا حكم الْحَاكِم فاجتهد ثمَّ أصَاب فِي رِوَايَة احْمَد فَأصَاب قَالَ الْقُرْطُبِيّ هَكَذَا وَقع فِي الحَدِيث بَدَأَ بالحكم قبل الِاجْتِهَاد وَالْأَمر بِالْعَكْسِ فان الِاجْتِهَاد يتَقَدَّم الحكم إِذْ لَا يجوز الحكم قبل الِاجْتِهَاد اتِّفَاقًا لَكِن التَّقْدِير فِي قَوْله إِذا حكم إِذا أَرَادَ ان يحكم فَعِنْدَ ذَلِك يجْتَهد قَالَ وَيُؤَيِّدهُ ان أهل الْأُصُول قَالُوا يجب على الْمُجْتَهد ان يجدد النّظر عِنْد وُقُوع النَّازِلَة وَلَا يعْتَمد على مَا تقدم لَهُ لأمكان ان يظْهر لَهُ خلاف غَيره انْتهى وَيحْتَمل أَن تكون الْفَاء تفسيرية لَا تعقيبية وَقَوله فَأصَاب أَي صَادف مَا فِي نفس الْأَمر من حكم الله تَعَالَى قَوْله ثمَّ أَخطَأ أَي ظن أَن الْحق فِي جِهَة فصادف ان الَّذِي فِي نفس الْأَمر بِخِلَاف ذَلِك فَالْأول لَهُ أَجْرَانِ أجر الِاجْتِهَاد واجر الْإِصَابَة وَالْآخر لَهُ أجر الِاجْتِهَاد فَقَط وَقد تقدّمت الْإِشَارَة إِلَى وُقُوع الخطا فِي الِاجْتِهَاد فِي حَدِيث أم سَلمَة انكم تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بحجته من بعض وَأخرج لحَدِيث الْبَاب سَببا من وَجه آخر عَن عَمْرو بن الْعَاصِ من طَرِيق وَلَده عبد الله بن عَمْرو عَنهُ قَالَ جَاءَ رجلَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يختصمان فَقَالَ لعَمْرو اقْضِ بَينهمَا يَا عَمْرو قَالَ أَنْت أولى بذلك مني يَا رَسُول الله قَالَ وان كَانَ قَالَ فَإِذا قضيت بَينهمَا فَمَالِي فَذكر نَحوه لَكِن قَالَ فِي الْإِصَابَة فلك عشر حَسَنَات وَأخرج من حَدِيث عقبَة بن عَامر نَحوه بِغَيْر قصَّة بِلَفْظ فلك عشرَة أجور وَفِي سَنَد كل مِنْهُمَا ضعف وَلم أَقف على اسْم من أبهم فِي هذَيْن الْحَدِيثين قَوْله قَالَ فَحدثت بِهَذَا الحَدِيث أَبَا بكر بن عَمْرو بن حزم الْقَائِل فَحدثت هُوَ يزِيد بن عبد الله أحد رُوَاته وَأَبُو بكر بن عَمْرو نسب فِي هَذِه الرِّوَايَة لجده وَهُوَ أَبُو بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَثَبت ذكره فِي رِوَايَة مُسلم من رِوَايَة الدَّاودِيّ

الصفحة 319