كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)

دمامة فَقَالَ هَذَا عذرت النَّاس مَالِي وَأَنْتُمْ يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ أَلَمْ يَقُلْ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَعْنِي الدَّجَّالَ يَهُودِيٌّ وَقَدْ أَسْلَمْتَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَمِنْ طَرِيقِ الْجَرِيرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سعيد خرجنَا حجاجا ومعنا بن صَيَّادٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا وَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَبَقِيتُ أَنَا وَهُوَ فَاسْتَوْحَشْتُ مِنْهُ وَحْشَةً شَدِيدَةً مِمَّا يُقَالُ فِيهِ فَقُلْتُ الْحَرُّ شَدِيدٌ فَلَوْ وَضَعْتَ ثِيَابَكَ تَحْتَ تِلْكَ الشَّجَرَةِ فَفَعَلَ فَرُفِعَتْ لَنَا غَنَمٌ فَانْطَلَقَ فَجَاءَ بِعُسٍّ فَقَالَ اشْرَبْ يَا أَبَا سَعِيدٍ فَقُلْتُ إِنَّ الْحَرَّ شَدِيدٌ وَمَا بِي إِلَّا أَنْ أَكْرَهْ أَنِّي أَشْرَبُ مِنْ يَدِهِ فَقَالَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آخُذَ حَبْلًا فَأُعَلِّقَهُ بِشَجَرَةٍ ثُمَّ أَخْتَنِقَ بِهِ مِمَّا يَقُولُ لِيَ النَّاسُ يَا أَبَا سَعِيدٍ مَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا خَفِيَ عَلَيْكُمْ مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ وَزَادَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ حَتَّى كِدْتُ أَعْذُرَهُ وَفِي آخِرِ كُلٍّ مِنَ الطُّرُقِ الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ قَالَ إِنِّي لَأَعْرِفُهُ وَأَعْرِفُ مَوْلِدِهِ وَأَيْنَ هُوَ الْآنَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَقُلْتُ لَهُ تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ لَفْظُ الْجريرِي وَأجَاب الْبَيْهَقِيّ عَن قصَّة بن صَيَّادٍ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْكُثُ أَبُو الدَّجَّالِ ثَلَاثِينَ عَامًا لَا يُولَدُ لَهُمَا ثُمَّ يُولَدُ لَهُمَا غُلَامٌ أَعْوَرُ أَضَرُّ شَيْءٍ وَأَقَلُّهُ نَفْعًا وَنَعَتَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ قَالَ فَسَمِعْنَا بِمَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الْيَهُودِ فَذَهَبْتُ أَنَا وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَامِ فَدَخَلْنَا عَلَى أَبَوَيْهِ فَإِذَا النَّعْتُ فَقُلْنَا هَلْ لَكُمَا مِنْ وَلَدٍ قَالَا مَكَثْنَا ثَلَاثِينَ عَامًا لَا يُولَدُ لَنَا ثُمَّ وُلِدَ لَنَا غُلَامٌ أَضَرُّ شَيْءٍ وَأَقَلُّهُ نَفْعًا الْحَدِيثَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ قُلْتُ وَيُوهِي حَدِيثُهُ أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ إِنَّمَا أَسْلَمَ لَمَّا نَزَلَ مِنَ الطَّائِفِ حِينَ حُوصِرَتْ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَة وَفِي حَدِيث بن عُمَرَ الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَوَجَّهَ إِلَى النَّخْلِ الَّتِي فِيهَا بن صياد كَانَ بن صَيَّادٍ يَوْمَئِذٍ كَالْمُحْتَلِمِ فَمَتَى يُدْرِكُ أَبُو بَكْرَةَ زَمَانَ مَوْلِدِهِ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ لَمْ يَسْكُنِ الْمَدِينَةَ إِلَّا قَبْلَ الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ بِسَنَتَيْنِ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى أَنْ يَكُونَ فِي الزَّمَنِ النَّبَوِيِّ كَالْمُحْتَلِمِ فَالَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَعَلَّ الْوَهْمَ وَقَعَ فِيمَا يَقْتَضِي تراخي مولد بن صَيَّادٍ أَوَّلًا وَهْمٌ فِيهِ بَلْ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ بَلَغَنَا أَنَّهُ وُلِدَ لِلْيَهُودِ مَوْلُودٌ عَلَى تَأَخُّرِ الْبَلَاغِ وَإِنْ كَانَ مَوْلِدُهُ كَانَ سَابِقًا عَلَى ذَلِك بِمدَّة بِحَيْثُ يأتلف مَعَ حَدِيث بن عُمَرَ الصَّحِيحِ ثُمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ لَيْسَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَكْثَرُ مِنْ سُكُوتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَلِفِ عُمَرَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُتَوَقِّفًا فِي أَمْرِهِ ثُمَّ جَاءَهُ الثَّبْتُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ غَيْرُهُ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ قِصَّةُ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَبِهِ تَمَسَّكَ مَنْ جزم بَان الدَّجَّال غير بن صَيَّادٍ وَطَرِيقُهُ أَصَحُّ وَتَكُونُ الصِّفَةُ الَّتِي فِي بن صَيَّادٍ وَافَقَتْ مَا فِي الدَّجَّالِ قُلْتُ قِصَّةُ تَمِيمٍ أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فَذَكَرَ أَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ رَكِبَ فِي سَفِينَةٍ مَعَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِهِ فَلَعِبَ بِهِمُ الْمَوْجُ شَهْرًا ثُمَّ نَزَلُوا إِلَى جَزِيرَةٍ فَلَقِيَتُهُمْ دَابَّةٌ كَثِيرَةُ الشَّعْرِ فَقَالَتْ لَهُمْ أَنَا الْجَسَّاسَةُ وَدَلَّتْهُمْ عَلَى رَجُلٍ فِي الدَّيْرِ قَالَ فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا فَدَخَلْنَا الدَّيْرَ فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا وَأَشَدُّهُ وَثَاقًا مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ بِالْحَدِيدِ فَقُلْنَا وَيْلَكَ مَا أَنْتَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّهُ سَأَلَهُمْ عَنْ نَبِيِّ الْأُمِّيِّينَ هَلْ بُعِثَ وَأَنَّهُ قَالَ إِنْ يُطِيعُوهُ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُمْ وَأَنَّهُ سَأَلَهُمْ عَنْ بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ وَعَنْ عَيْنِ زُغَرٍ وَعَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ وَفِيهِ أَنَّهُ قَالَ إِنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي أَنَا الْمَسِيحُ وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ فَأَخْرُجَ فَأَسِيرَ فِي الْأَرْضِ فَلَا أَدَعُ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ أَنَّهُ شَيْخٌ وَسَنَدُهَا صَحِيحٌ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِيهِ أَنَّ الدَّجَّالَ الْأَكْبَرَ الَّذِي يَخْرُجُ فِي آخر الزَّمَان غير بن صياد وَكَانَ بن صَيَّادٍ أَحَدَ الدَّجَّالِينَ الْكَذَّابِينَ الَّذِينَ أَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخُرُوجِهِمْ وَقَدْ خَرَجَ أَكْثَرُهُمْ وَكَانَ الَّذِينَ يَجْزِمُونَ بِابْنِ صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ لَمْ يَسْمَعُوا بِقِصَّةِ تَمِيمٍ وَإِلَّا فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بَعِيدٌ جِدًّا إِذْ كَيْفَ يَلْتَئِمُ أَنْ يَكُونَ مَنْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ الْحَيَاةِ النَّبَوِيَّةِ شِبْهَ المحتلم ويجتمع

الصفحة 326