كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)

(قَوْلُهُ بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجل وكلم الله مُوسَى تكليما)
كَذَا لِأَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ وَمِثْلُهُ لِأَبِي ذَرٍّ لَكِنْ بِحَذْفِ لَفْظِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِغَيْرِهِمَا بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا قَالَ الْأَئِمَّةُ هَذِهِ الْآيَةُ أَقْوَى مَا وَرَدَ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ قَالَ النَّحَّاسُ أَجْمَعَ النَّحْوِيُّونَ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ إِذَا أُكِّدَ بِالْمَصْدَرِ لَمْ يَكُنْ مَجَازًا فَإِذَا قَالَ تَكْلِيمًا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَلَامًا عَلَى الْحَقِيقَةِ الَّتِي تُعْقَلُ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ كَلَامٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ لَكِنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ هَلْ سَمِعَهُ مُوسَى مِنَ اللَّهِ تَعَالَى حَقِيقَةً أَوْ مِنَ الشَّجَرَةِ فَالتَّأْكِيدُ رَفَعُ الْمَجَازَ عَنْ كَوْنِهِ غَيْرَ كَلَامٍ أَمَّا الْمُتَكَلِّمُ بِهِ فَمَسْكُوتٌ عَنْهُ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ الْمُحَدَّثِ عَنْهُ فَهُوَ لِرَفْعِ الْمَجَازِ عَنِ النِّسْبَةِ لِأَنَّهُ قَدْ نُسِبَ الْكَلَامُ فِيهَا إِلَى اللَّهِ فَهُوَ الْمُتَكَلِّمُ حَقِيقَةً وَيُؤَكِّدُهُ قَوْلُهُ فِي سُورَة الْأَعْرَاف اني اصطفيتك عَن النَّاس برسالاتي وبكلامي وَأَجْمَعَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى أَنَّ كَلَّمَ هُنَا مِنَ الْكَلَامِ وَنَقَلَ الْكَشَّافُ عَنْ بِدَعِ بَعْضِ التَّفَاسِيرِ أَنَّهُ مِنَ الْكَلْمِ بِمَعْنَى الْجُرْحِ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِالْإِجْمَاعِ الْمَذْكُورِ قَالَ بن التِّينِ اخْتَلَفَ الْمُتَكَلِّمُونَ فِي سَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ فَقَالَ الْأَشْعَرِيُّ كَلَامُ اللَّهِ الْقَائِمُ بِذَاتِهِ يُسْمَعُ عِنْدَ تِلَاوَةِ كُلِّ تَالٍ وَقِرَاءَةِ كُلِّ قَارِئٍ وَقَالَ الْبَاقِلَّانِيُّ إِنَّمَا تُسْمَعُ التِّلَاوَةُ دُونَ الْمَتْلُوِّ وَالْقِرَاءَةُ دُونَ الْمَقْرُوءِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ يُرِيدُونَ ان يبدلوا كَلَام الله شَيْءٌ مِنْ هَذَا وَأَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ أَنَّ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ الله الْقَسرِي قَالَ اني مضحي بِالْجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَّخِذْ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا وَلَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى تَكْلِيمًا وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ التَّوْحِيدِ أَنَّ سَلْمَ بْنَ أَحَوْزَ قَتَلَ جَهْمَ بْنَ صَفْوَانَ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ أَنَّ اللَّهَ كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيمًا ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ

[7515] قَوْلُهُ أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَكَلَامِهِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَبِكَلَامِهِ ثَانِيهَا حَدِيثُ أَنَسٍ فِي الشَّفَاعَةِ أَوْرَدَ مِنْهُ طَرَفًا مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى قَوْلِهِ فِي ذِكْرِ آدَمَ وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَرَادَ ذِكْرَ مُوسَى قَالُوا لَهُ وَكَلَّمَكَ اللَّهُ فَلَمْ يَذْكُرْهُ قُلْتُ جَرَى عَلَى عَادَتِهِ فِي الْإِشَارَةِ وَقَدْ مَضَى فِي تَفْسِيرِ الْبَقَرَةِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ شَيْخِهِ هُنَا وَسَاقَهُ فِيهِ بِطُولِهِ وَفِيهِ ائْتُوا مُوسَى عَبْدًا كَلَّمَهُ اللَّهُ وَأَعْطَاهُ التَّوْرَاةَ الْحَدِيثَ وَمَضَى أَيْضًا فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ هَذَا فِي بَابِ قَوْلِ الله تَعَالَى لما خلقت بيَدي

الصفحة 479