كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)

وَبِسَنَدٍ حَسَنٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ مِنْ إِيمَانِهِمْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَمَنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَمَنْ خَلَقَ الْجِبَالَ قَالُوا اللَّهُ وَهُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ قَوْلُهُ وَمَا ذُكِرَ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَعْمَالِ وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ قَوْلُهُ وَأَكْسَابِهِمْ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى أَفْعَالِ وَفِي رِوَايَةٍ وَاكْتِسَابِهِمْ بِزِيَادَةِ مُثَنَّاةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي الْكَسْبِ وَيَأْتِي الْإِلْمَامُ بِهِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا وَجْهُ الدَّلَالَةِ عُمُومُ قَوْلِهِ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَالْكَسْبُ شَيْءٌ فَيَكُونُ مَخْلُوقًا لِلَّهِ تَعَالَى قَوْلُهُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ مَا تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ إِلَّا بِالْحَقِّ يَعْنِي بِالرِّسَالَةِ وَالْعَذَابِ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ عَنْ وَرْقَاءَ عَن بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صدقهم الْمُبَلِّغِينَ الْمُؤَدِّينَ مِنَ الرُّسُلِ هُوَ فِي تَفْسِيرِ الْفِرْيَابِيِّ أَيْضًا بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ قَالَ الطَّبَرِيُّ مَعْنَاهُ أَخَذْتُ الْمِيثَاقَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الْمَذْكُورِينَ كَيْمَا أَسْأَلُ مَنْ أَرْسَلْتُهُمْ عَمَّا أَجَابَتْهُمْ بِهِ أُمَمُهُمْ قَوْلُهُ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ عِنْدَنَا هُوَ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ مُجَاهِدٍ أَخْرَجَهُ الْفِرْيَابِيُّ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ قَوْلُهُ وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ الْقُرْآنِ وَصَدَّقَ بِهِ الْمُؤْمِنُ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَذَا الَّذِي أَعْطَيْتَنِي عَمِلْتُ بِمَا فِيهِ وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ الَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ يَجِيئُونَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُونَ هَذَا الَّذِي أَعْطَيْتُمُونَا عَمِلْنَا بِمَا فِيهِ وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ الَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَمِنْ طَرِيقٍ لَيِّنٌ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي صَدَّقَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ الَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ بِالْقُرْآنِ وَالَّذِي صَدَّقَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَمِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ الَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ هُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الطَّبَرِيُّ الْأَوْلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ كُلُّ مَنْ دَعَا إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَالْإِيمَانِ بِرَسُولِهِ وَمَا جَاءَ بِهِ وَالْمُصَدِّقُ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ ذَلِكَ وَرَدَ عَقِبَ قَوْلِهِ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكذب بِالصّدقِ إِذْ جَاءَهُ الْآيَة وَأما حَدِيث بن مَسْعُود فَتقدم شَرْحُهُ فِي بَابِ إِثْمِ الزُّنَاةِ مِنْ كِتَابِ الْحُدُودِ وَذَكَرْتُ مَا فِي سَنَدِهِ مِنَ الِاخْتِلَافِ عَلَى أَبِي وَائِلٍ وَالْمُرَادُ هُنَا الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَخْلُقُ فِعْلَ نَفْسِهِ يَكُونُ كَمَنْ جَعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ الْوَعيد الشَّديد فَيكون اعْتِقَاده حَرَامًا

(قَوْلُهُ بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أبصاركم)
الْآيَةَ سَاقَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ الْآيَةَ كُلَّهَا ذَكَرَ فِيهِ حَدِيث عبد الله وَهُوَ بن مَسْعُودٍ اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيْتِ وَفِيهِ يَسْمَعُ إِنْ جهرنا وَلَا

الصفحة 495