كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)

وَقَدْ مَضَى شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ وَقَوْلُهُ هُنَا وَجَلَسَ عَلَى قُفِّ الْبِئْرِ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي بَدَلَ عَلَى وَالْقُفُّ مَا ارْتَفَعَ مِنْ مَتْنِ الْبِئْرِ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ مَا حَوْلَ الْبِئْرِ قُلْتُ وَالْمُرَادُ هُنَا مَكَانٌ يُبْنَى حَوْلَ الْبِئْرِ لِلْجُلُوسِ وَالْقُفُّ أَيْضًا الشَّيْءُ الْيَابِسُ وَفِي أَوْدِيَةِ الْمَدِينَةِ وَادٍ يُقَالُ لَهُ الْقُفُّ وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا وَقَوْلُهُ فَدَخَلَ فَجَاءَ عَنْ يَمِينِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَجَلَسَ بَدَلَ فَجَاءَ وَقَوْلُهُ فَامْتَلَأَ الْقُفُّ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَامْتَلَأَ بِالْوَاوِ وَالْمُرَادُ مِنْ تَخْرِيجِهِ هُنَا الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي حَقِّ عُثْمَانَ بَلَاءٌ يُصِيبُهُ هُوَ مَا وَقَعَ لَهُ مِنَ الْقَتْلِ الَّذِي نَشَأَتْ عَنْهُ الْفِتَنُ الْوَاقِعَةُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فِي الْجَمَلِ ثُمَّ فِي صِفِّينَ وَمَا بَعْدَ ذَلِك قَالَ بن بَطَّالٍ إِنَّمَا خُصَّ عُثْمَانُ بِذِكْرِ الْبَلَاءِ مَعَ أَنَّ عُمَرَ قُتِلَ أَيْضًا لِكَوْنِ عُمَرَ لَمْ يُمْتَحَنْ بِمِثْلِ مَا امْتُحِنَ عُثْمَانُ مِنْ تَسَلُّطِ الْقَوْمِ الَّذِينَ أَرَادُوا مِنْهُ أَنْ يَنْخَلِعَ مِنَ الْإِمَامَةِ بِسَبَبِ مَا نَسَبُوهُ إِلَيْهِ مِنَ الْجَوْرِ وَالظُّلْمِ مَعَ تَنَصُّلِهِ مِنْ ذَلِكَ وَاعْتِذَارِهِ عَنْ كُلِّ مَا أَوْرَدُوهُ عَلَيْهِ ثُمَّ هُجُومُهُمْ عَلَيْهِ دَارَهُ وَهَتْكُهُمْ سِتْرَ أَهْلِهِ وَكُلُّ ذَلِكَ زِيَادَةٌ عَلَى قَتْلِهِ قُلْتُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَلَاءِ الَّذِي خُصَّ بِهِ الْأُمُورُ الزَّائِدَةُ عَلَى الْقَتْلِ وَهُوَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ قَالَ فَتَأَوَّلْتُ ذَلِكَ قُبُورَهُمْ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَأَوَّلْتُ قَالَ الدَّاوُدِيُّ كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ لِجَوْدَتِهِ فِي عِبَارَةِ الرُّؤْيَا يَسْتَعْمِلُ التَّعْبِيرَ فِيمَا يُشْبِهُهَا قُلْتُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ التَّمْثِيلَ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّسْوِيَةَ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ اجْتَمَعُوا مُطْلَقُ الِاجْتِمَاعِ لَا خُصُوصُ كَوْنِ أَحَدِهِمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرِ عَنْ شِمَالِهِ كَمَا كَانُوا عَلَى الْبِئْرِ وَكَذَا عُثْمَانُ انْفَرَدَ قَبْرُهُ عَنْهُمْ وَلَمْ يَسْتَلْزِمْ أَنْ يَكُونَ مُقَابِلَهُمْ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ

[7098] قَوْلُهُ عَنْ سُلَيْمَانَ هُوَ الْأَعْمَشُ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ وَمَنْصُورٍ وَكَذَا لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّا عَنْ بِشْرِ بْنِ خَالِدٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ لَكِنَّهُ سَاقَهُ عَلَى لَفْظِ سُلَيْمَانَ وَقَالَ فِي آخِرِهِ قَالَ شُعْبَةُ وَحَدَّثَنِي مَنْصُورٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أُسَامَةَ نَحْوًا مِنْهُ إِلَّا أَنَّهُ زَادَ فِيهِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ قَوْلُهُ قِيلَ لِأُسَامَةَ أَلَّا تُكَلِّمُ هَذَا كَذَا هُنَا بِإِبْهَامِ الْقَائِلِ وَإِبْهَامِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ وَتَقَدَّمَ فِي صِفَةِ النَّارِ مِنْ بَدْءِ الْخَلْقِ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ بِلَفْظِ لَوْ أَتَيْتَ فُلَانًا فَكَلَّمْتَهُ وَجَزَاءُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ لَكَانَ صَوَابًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لَوْ لِلتَّمَنِّي وَوَقَعَ اسْمُ الْمُشَارِ إِلَيْهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ أُسَامَةَ قِيلَ لَهُ أَلَا تَدْخُلَ عَلَى عُثْمَانَ فَتُكَلِّمَهُ وَلِأَحْمَدَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْأَعْمَشِ أَلَا تُكَلِّمُ عُثْمَانَ قَوْلُهُ قَدْ كَلَّمْتُهُ مَا دُونَ أَنْ أَفْتَحَ بَابًا أَيْ كَلَّمْتُهُ فِيمَا أَشَرْتُمْ إِلَيْهِ لَكِنْ عَلَى سَبِيلِ الْمَصْلَحَةِ وَالْأَدَبِ فِي السِّرِّ بِغَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِي كَلَامِي مَا يُثِيرُ فِتْنَةً أَوْ نَحْوَهَا وَمَا مَوْصُوفَةٌ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَوْصُولَةً قَوْلُهُ أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَفْتَحُهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَتَحَهُ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي وَكَذَا فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ قَالَ إِنَّكُمْ لَتَرَوْنَ أَيْ تَظُنُّونَ أَنِّي لَا أُكَلِّمُهُ إِلَّا أَسْمَعْتُكُمْ أَيْ إِلَّا بِحُضُورِكُمْ وَسَقَطَتِ الْأَلِفُ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ فَصَارَ بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ أَيْ إِلَّا وَقْتَ حُضُورِكُمْ حَيْثُ تَسْمَعُونَ وَهِيَ رِوَايَةُ يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ الْمَذْكُورَةُ وَقَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ إِنِّي أُكَلِّمُهُ فِي السِّرِّ دُونَ أَنْ أَفْتَحَ بَابًا لَا أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِثْلُهُ لَكِنْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ إِلَّا أَسْمَعْتُكُمْ وَاللَّهِ لَقَدْ كَلَّمْتُهُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ دُونَ أَنْ أَفْتَحَ أَمْرًا لَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ يَعْنِي لَا أُكَلِّمُهُ إِلَّا مَعَ مُرَاعَاةِ الْمَصْلَحَةِ بِكَلَامٍ لَا يُهَيِّجُ بِهِ فِتْنَةً قَوْلُهُ وَمَا أَنَا بِالَّذِي أَقُولُ لِرَجُلٍ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ أَمِيرًا عَلَى رَجُلَيْنِ أَنْتَ خَيْرٌ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ إِيتَ خَيْرًا بِصِيغَةِ فِعْلِ الْأَمْرِ مِنَ الْإِيتَاءِ وَنَصْبِ خَيْرًا عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى فَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ وَلَا أَقُولُ لِأَمِيرٍ إِنْ كَانَ عَلَيَّ أَمِيرًا هُوَ بِكَسْرِ هَمْزَةِ إِنْ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَقَوْلُهُ كَانَ عَلَيَّ بِالتَّشْدِيدِ أَمِيرًا أَنَّهُ خَيْرُ النَّاسِ

الصفحة 51