كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)

(قَوْلُهُ بَابُ إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا)
حُذِفَ الْجَوَابُ اكْتِفَاءً بِمَا وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ

[7108] قَوْلُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ هُوَ عَبَدَانُ وَعبد الله شَيْخه هُوَ بن الْمُبَارك وَيُونُس هُوَ بن يَزِيدَ قَوْلُهُ إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا أَيْ عُقُوبَةً لَهُمْ عَلَى سَيِّئِ أَعْمَالِهِمْ قَوْلُهُ أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ فِي رِوَايَةِ أبي النُّعْمَان عَن بن الْمُبَارَكِ أَصَابَ بِهِ مَنْ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَالْمُرَادُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ مِمَّنْ لَيْسَ هُوَ عَلَى رَأْيِهِمْ قَوْلُهُ ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ أَيْ بُعِثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى حَسَبِ عَمَلِهِ إِنْ كَانَ صَالِحًا فَعُقْبَاهُ صَالِحَةٌ وَإِلَّا فَسَيِّئَةٌ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْعَذَابُ طُهْرَةً لِلصَّالِحَيْنِ ونقمة على الْفَاسِقين وَفِي صَحِيح بن حِبَّانَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَنْزَلَ سَطْوَتَهُ بِأَهْلِ نِقْمَتِهِ وَفِيهِمُ الصَّالِحُونَ قُبِضُوا مَعَهُمْ ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى نِيَّاتِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْهَا مَرْفُوعًا إِذَا ظَهَرَ السُّوءُ فِي الْأَرْضِ أَنْزَلَ اللَّهُ بَأْسَهُ فِيهِمْ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَفِيهِمْ أَهْلُ طَاعَتِهِ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ يبعثون إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى قَالَ بن بَطَّالٍ هَذَا الْحَدِيثُ يُبَيِّنُ حَدِيثَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حَيْثُ قَالَتْ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ فَيَكُونُ إِهْلَاكُ الْجَمِيعِ عِنْدَ ظُهُورِ الْمُنْكَرِ وَالْإِعْلَانِ بِالْمَعَاصِي قُلْتُ الَّذِي يُنَاسِبُ كَلَامَهُ الْأَخِيرَ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْمُنْكَرَ فَلَمْ يُغَيِّرُوهُ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَة وَصَححهُ بن حبَان وَأما حَدِيث بن عُمَرَ فِي الْبَابِ وَحَدِيثُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَمُتَنَاسِبَانِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَقِبَهُ وَيَجْمَعُهُمَا أَنَّ الْهَلَاكَ يَعُمُّ الطَّائِعَ مَعَ الْعَاصِي وَزَادَ حَدِيثُ بن عُمَرَ أَنَّ الطَّائِعَ عِنْدَ الْبَعْثِ يُجَازَى بِعَمَلِهِ وَمِثْلُهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا الْعَجَبُ أَنَّ نَاسًا مِنْ أُمَّتِي يَؤُمُّونَ هَذَا الْبَيْتَ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خُسِفَ بِهِمْ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الطَّرِيقَ قَدْ تَجْمَعُ النَّاسَ قَالَ نعم فيهم المستبصر وَالْمَجْبُور وبن السَّبِيلِ يَهْلِكُونَ مَهْلَكًا وَاحِدًا وَيَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتَّى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ نَحْوُهُ وَلَفْظُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ بِمَنْ كَانَ كَارِهًا قَالَ يُخْسَفُ بِهِ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى نِيَّتِهِ وَلَهُ مِنْ حَدِيثُ جَابِرٍ رَفَعَهُ يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ وَقَالَ الدَّاودِيّ معنى حَدِيث بن عُمَرَ أَنَّ الْأُمَمَ الَّتِي تُعَذَّبُ عَلَى الْكُفْرِ يَكُونُ بَيْنَهُمْ أَهْلُ أَسْوَاقِهِمْ وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَيُصَابُ جَمِيعُهُمْ بِآجَالِهِمْ ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى أَعْمَالِهِمْ وَيُقَالُ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَذَابَ أُمَّةٍ أَعْقَمَ نِسَاءَهُمْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً قَبْلَ أَنْ يُصَابُوا لِئَلَّا يُصَابَ الْوِلْدَانُ الَّذِينَ لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِمُ الْقَلَمُ انْتَهَى وَهَذَا لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ وَعُمُومُ حَدِيثِ عَائِشَةَ يَرُدُّهُ وَقَدْ شُوهِدَتِ السَّفِينَةُ مَلْأَى مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْأَطْفَالِ تَغْرَقُ فَيَهْلِكُونَ جَمِيعًا وَمِثْلُهُ الدَّارُ الْكَبِيرَةُ تُحْرَقُ وَالرُّفْقَةُ الْكَثِيرَةُ تَخْرُجُ عَلَيْهَا قُطَّاعُ الطَّرِيقِ فَيَهْلِكُونَ جَمِيعًا أَوْ أَكْثَرُهُمْ وَالْبَلَدُ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ يَهْجُمُهَا الْكُفَّارُ فَيَبْذُلُونَ السَّيْفَ فِي أَهْلِهَا وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنَ الْخَوَارِجِ قَدِيمًا ثُمَّ مِنَ الْقَرَامِطَةِ ثُمَّ مِنَ الطَّطَرِ أَخِيرًا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَوْرَدَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ جَابِرٍ يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ عَقِبَ حَدِيثِ جَابِرٍ أَيْضا رَفعه

الصفحة 60