كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)

فِيمَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ الصَّلْتِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى وَهُوَ إِسْرَائِيلُ سَمِعْتُ الْحَسَنَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ وَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحِ وَالصَّلْتُ مِنْ شُيُوخِ مُسْلِمٍ وَقَدِ استشعر بن التِّينِ خَطَأَ الْبَاجِيِّ فَقَالَ قَالَ الدَّاوُدِيُّ الْحَسَنُ مَعَ قُرْبِهِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَيْثُ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بن سَبْعِ سِنِينَ لَا يُشَكُّ فِي سَمَاعِهِ مِنْهُ وَله مَعَ ذَلِك صُحْبَة قَالَ بن التِّينِ الَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ إِنَّمَا أَرَادَ سَمَاعَ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ قُلْتُ وَلَعَلَّ الدَّاوُدِيَّ إِنَّمَا أَرَادَ رَدَّ تَوَهُّمِ مَنْ يَتَوَهَّمُ أَنَّهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَدَفَعَهُ بِمَا ذُكِرَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا قَالَ بن الْمَدِينِيِّ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَسَنَ كَانَ يُرْسِلُ كَثِيرًا عَمَّنْ لَمْ يَلْقَهُمْ بِصِيغَةِ عَنْ فَخَشِيَ أَنْ تَكُونَ رِوَايَتُهُ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ مُرْسَلَةٌ فَلَمَّا جَاءَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ مُصَرِّحَةٌ بِسَمَاعِهِ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ وَلَمْ أَرَ مَا نَقَلَهُ الْبَاجِيُّ عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ ان الْحسن هُنَا هُوَ بن عَلِيٍّ فِي شَيْءٍ مِنْ تَصَانِيفِهِ وَإِنَّمَا قَالَ فِي التَّتَبُّعِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ أَحَادِيثَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ وَالْحَسَنُ إِنَّمَا رَوَى عَنِ الْأَحْنَفِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ عِنْدَهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ لَكِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ مِمَّنْ تَكَلَّمَ فِي مَرَاسِيلِ الْحَسَنِ كَابْنِ الْمَدِينِيِّ وَأَبِي حَاتِمٍ وَأَحْمَدَ وَالْبَزَّارِ وَغَيْرِهِمْ نَعَمْ كَلَام بن الْمَدِينِيِّ يُشْعِرُ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَحْمِلُونَهُ عَلَى الْإِرْسَالِ حَتَّى وَقَعَ هَذَا التَّصْرِيحُ قَوْلُهُ بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ جَاءَ الْحَسَنُ فَقَالَ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ فِي الدَّلَائِلِ لِلْبَيْهَقِيِّ يَخْطُبُ أَصْحَابَهُ يَوْمًا إِذْ جَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَصَعِدَ إِلَيْهِ الْمِنْبَرَ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَذْكُورَةِ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً وَعَلِيهِ أُخْرَى وَيَقُول وَمثله فِي رِوَايَة بن أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ لَكِنْ قَالَ وَهُوَ يَلْتَفِتُ إِلَى النَّاسِ مَرَّةً وَإِلَيْهِ أُخْرَى قَوْلُهُ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَفِي رِوَايَةِ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَمَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ إِلَيْهِ وَقَالَ إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَفِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ وَقَالَ أَلَا إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ قَوْلُهُ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ كَذَا اسْتَعْمَلَ لَعَلَّ اسْتِعْمَالَ عَسَى لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الرَّجَاءِ وَالْأَشْهَرُ فِي خَبَرِ لَعَلَّ بِغَيْرِ أَنْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ قَوْلُهُ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ زَادَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي رِوَايَتِهِ عَظِيمَتَيْنِ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ وَفِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ كِلَاهُمَا عَنِ الْحَسَنِ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ وَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ أَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ الْحَسَنِ كَالْأَوَّلِ لَكِنَّهُ قَالَ وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يُصْلِحَ اللَّهُ بِهِ وَجَزَمَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَلَفْظُهُ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ قَالَ لِلْحَسَنِ إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ يُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ الْبَزَّارُ رُوِي هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ وَعَنْ جَابِرٍ وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ أَشْهَرُ وَأَحْسَنُ إِسْنَادًا وَحَدِيثُ جَابِرٍ غَرِيبٌ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ اخْتُلِفَ عَلَى الْحَسَنِ فَقِيلَ عَنْهُ عَنْ أم سَلمَة وَقيل عَن بن عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ الْحَسَنِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا وَهْمٌ وَرَوَاهُ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ وَعَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ عَنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا وَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنَ الْفَوَائِدِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ وَمَنْقَبَةٌ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فَإِنَّهُ تَرَكَ الْمُلْكَ لَا لِقِلَّةٍ وَلَا لِذِلَّةٍ وَلَا لِعِلَّةٍ بَلْ لِرَغْبَتِهِ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ لِمَا رَآهُ مِنْ حَقْنِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَرَاعَى أَمْرَ الدِّينِ وَمَصْلَحَةَ الْأُمَّةِ وَفِيهَا رَدٌّ عَلَى الْخَوَارِجِ الَّذِينَ كَانُوا يُكَفِّرُونَ عَلِيًّا وَمَنْ مَعَهُ وَمُعَاوِيَةَ وَمَنْ مَعَهُ بِشَهَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلطَّائِفَتَيْنِ بِأَنَّهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ عَقِبَ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُعْجِبنَا جِدًّا أَخْرَجَهُ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ فِي تَارِيخِهِ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْهُ وَفِيهِ فَضِيلَةُ الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَلَا سِيَّمَا فِي حَقْنِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَدَلَالَةٌ عَلَى رَأْفَةِ مُعَاوِيَةَ بِالرَّعِيَّةِ وَشَفَقَتُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَقُوَّةِ نَظَرِهِ فِي تَدْبِيرِ الْمُلْكِ

الصفحة 66