كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)

وَنَظَرِهِ فِي الْعَوَاقِبِ وَفِيهِ وِلَايَةُ الْمَفْضُولِ الْخِلَافَةَ مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ لِأَنَّ الْحَسَنَ وَمُعَاوِيَةَ وُلِّيَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْخِلَافَةَ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ فِي الْحَيَاةِ وَهُمَا بَدْرِيَّانِ قَالَه بن التِّينِ وَفِيهِ جَوَازُ خَلْعِ الْخَلِيفَةِ نَفْسَهُ إِذَا رَأَى فِي ذَلِكَ صَلَاحًا لِلْمُسْلِمِينَ وَالنُّزُولُ عَنِ الْوَظَائِفِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ بِالْمَالِ وَجَوَازُ أَخْذِ الْمَالِ عَلَى ذَلِكَ وَإِعْطَائِهِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ شَرَائِطِهِ بِأَنْ يَكُونَ الْمَنْزُولُ لَهُ أَوْلَى مِنَ النَّازِلِ وَأَنْ يَكُونَ الْمَبْذُولُ مِنْ مَالِ الْبَاذِلِ فَإِنْ كَانَ فِي وِلَايَةِ عَامَّةٍ وَكَانَ الْمَبْذُولُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ اشْتُرِطَ أَنْ تَكُونَ الْمَصْلَحَةُ فِي ذَلِكَ عَامَّة أَشَارَ إِلَى ذَلِك بن بَطَّالٍ قَالَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنَ الْبَاذِلِ وَالْمَبْذُولِ لَهُ سَبَبٌ فِي الْوِلَايَةِ يَسْتَنِدُ إِلَيْهِ وَعَقْدٌ مِنَ الْأُمُورِ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَفِيهِ أَنَّ السِّيَادَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالْأَفْضَلِ بَلْ هُوَ الرَّئِيسُ عَلَى الْقَوْمِ وَالْجَمْعُ سَادَةٌ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ السُّؤْدُدِ وَقِيلَ مِنَ السَّوَادِ لِكَوْنِهِ يَرْأَسُ عَلَى السَّوَادِ الْعَظِيمِ مِنَ النَّاسِ أَيِ الْأَشْخَاصِ الْكَثِيرَةِ وَقَالَ الْمُهَلَّبُ الْحَدِيثُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ السِّيَادَةَ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّهَا مَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ لِكَوْنِهِ عَلَّقَ السِّيَادَةَ بِالْإِصْلَاحِ وَفِيهِ إِطْلَاقُ الِابْنِ على بن الْبِنْتِ وَقَدِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ امْرَأَةَ الْجد وَالِد الْأُم مُحرمَة على بن بنته وان امْرَأَة بن الْبِنْتِ مُحَرَّمَةٌ عَلَى جَدِّهِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي التَّوَارُثِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَصْوِيبِ رَأْيِ مَنْ قَعَدَ عَنِ الْقِتَالِ مَعَ مُعَاوِيَةَ وَعَلِيٍّ وَإِنْ كَانَ عَلِيٌّ أَحَقَّ بِالْخِلَافَةِ وَأَقْرَبَ إِلَى الْحَقِّ وَهُوَ قَول سعد بن أبي وَقاص وبن عُمَرَ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَسَائِرِ مَنِ اعْتَزَلَ تِلْكَ الْحُرُوبِ وَذَهَبَ جُمْهُورُ أَهْلِ السُّنَّةِ إِلَى تَصْوِيبِ مَنْ قَاتَلَ مَعَ عَلِيٍّ لِامْتِثَالِ قَوْلِهِ تَعَالَى وان طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا الْآيَةَ فَفِيهَا الْأَمْرُ بِقِتَالِ الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ مَنْ قَاتَلَ عَلِيًّا كَانُوا بُغَاةً وَهَؤُلَاءِ مَعَ هَذَا التَّصْوِيبِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُذَمُّ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ بَلْ يَقُولُونَ اجتهدوا فأخطئوا وَذَهَبَ طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ إِلَى أَنَّ كُلًّا مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ مُصِيبٌ وَطَائِفَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُصِيبَ طَائِفَة لابعينها الحَدِيث الثَّانِي

[7110] قَوْله سُفْيَان هُوَ بن عُيَيْنَة قَوْله قَالَ قَالَ عَمْرو هُوَ بن دِينَارٍ قَوْلُهُ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ أَيِ بن الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَهُوَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَوْلُهُ أَنَّ حَرْمَلَةَ قَالَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ أَنَّ حَرْمَلَةَ مَوْلَى أُسَامَةَ أَخْبَرَهُ وَحَرْمَلَةُ هَذَا فِي الْأَصْلِ مَوْلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَكَانَ يُلَازِمُ زَيْدَ بْنِ ثَابِتٍ حَتَّى صَارَ يُقَالُ لَهُ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَقِيلَ هُمَا اثْنَانِ وَفِي هَذَا السَّنَدِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي نَسَقٍ عَمْرٌو وَأَبُو جَعْفَرٍ وحرملة قَوْله ان عَمْرو بن دِينَارٍ قَالَ قَدْ رَأَيْتُ حَرْمَلَةَ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ عَمْرًا كَانَ يُمْكِنُهُ الْأَخْذَ عَنْ حَرْمَلَةَ لَكِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ هَذَا قَوْلُهُ أَرْسَلَنِي أُسَامَةُ أَيْ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى عَلِيٍّ أَيْ بِالْكُوفَةِ لَمْ يَذْكُرْ مَضْمُونَ الرِّسَالَةِ وَلَكِنْ دَلَّ مَضْمُونُ قَوْلِهِ فَلَمْ يُعْطِنِي شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَرْسَلَهُ يَسْأَلَ عَلِيًّا شَيْئًا مِنَ الْمَالِ قَوْلُهُ وَقَالَ إِنَّهُ سَيَسْأَلُكَ الْآنَ فَيَقُولُ مَا خَلَّفَ صَاحِبَكَ إِلَخْ هَذَا هَيَّأَهُ أُسَامَةُ اعْتِذَارًا عَنْ تَخَلُّفِهِ عَنْ عَلِيٍّ لِعِلْمِهِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يُنْكِرُ عَلَى مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ وَلَا سِيَّمَا مِثْلُ أُسَامَةَ الَّذِي هُوَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ فَاعْتَذَرَ بِأَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّفْ ضَنًّا مِنْهُ بِنَفْسِهِ عَنْ عَلِيٍّ وَلَا كَرَاهَةً لَهُ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي أَشَدِّ الْأَمَاكِنِ هَوْلًا لَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فِيهِ وَيُوَاسِيهِ بِنَفْسِهِ وَلكنه انما تخلف لأجل كراهيته فِي قتال الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَكِنَّ هَذَا أَمْرٌ لَمْ أَرَهُ قَوْلُهُ لَوْ كُنْتَ فِي شِدْقِ الْأَسَدِ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا قَافٌ أَيْ جَانِبُ فَمِهِ مِنْ دَاخِلٍ وَلِكُلِّ فَمٍ شِدْقَانِ إِلَيْهِمَا يَنْتَهِي شِقُّ الْفَمِ وَعِنْدَ مُؤَخَّرِهِمَا يَنْتَهِي الْحَنَكُ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلُ وَرَجُلٌ أَشَدْقُ وَاسِعُ الشِّدْقَيْنِ وَيَتَشَدَّقُ فِي كَلَامِهِ إِذَا فَتَحَ فَمَهُ وَأَكْثَرَ الْقَوْلَ فِيهِ وَاتَّسَعَ فِيهِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْمُوَافَقَةِ حَتَّى فِي حَالَةِ الْمَوْتِ لِأَنَّ الَّذِي

الصفحة 67