كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)

يَفْتَرِسُهُ الْأَسَدُ بِحَيْثُ يَجْعَلُهُ فِي شِدْقِهِ فِي عِدَادِ مَنْ هَلَكَ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَالَ لَوْ وَصَلْتَ إِلَى هَذَا الْمَقَامِ لَأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فِيهِ مُوَاسِيًا لَكَ بِنَفْسِي وَمِنَ الْمُنَاسَبَاتِ اللَّطِيفَةِ تَمْثِيلُ أُسَامَةَ بِشَيْءٍ يَتَعَلَّقُ بِالْأَسَدِ وَوَقَعَ فِي تَنْقِيحِ الزَّرْكَشِيِّ أَنَّ الْقَاضِيَ يَعْنِي عِيَاضًا ضَبَطَ الشِّدْقَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ وَكَلَامُ الْجَوْهَرِيِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَقَالَ لِي بَعْضُ مَنْ لَقِيتُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ إِنَّهُ غَلَطٌ عَلَى الْقَاضِي قُلْتُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَشَارِقِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ سَمُرَةَ الطَّوِيلِ فِي الَّذِي يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ فَإِنَّهُ ضَبَطَ الشِّدْقَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَتَبعهُ بن قُرْقُولٍ فِي الْمَطَالِعِ نَعَمْ هُوَ غَلَطٌ فَقَدْ ضُبِطَ فِي جَمِيعِ كُتِبِ اللُّغَةِ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالله أعلم قَالَ بن بَطَّالٍ أَرْسَلَ أُسَامَةُ إِلَى عَلِيٍّ يَعْتَذِرُ عَنْ تَخَلُّفِهِ عَنْهُ فِي حُرُوبِهِ وَيُعْلِمُهُ أَنَّهُ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيْهِ وَأَنَّهُ يُحِبُّ مُشَارَكَتَهُ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَرَى قِتَالَ الْمُسْلِمِ قَالَ وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا قَتَلَ ذَلِكَ الرَّجُلَ يَعْنِي الْمَاضِي ذِكْرُهُ فِي بَابِ وَمَنْ أَحْيَاهَا فِي أَوَائِلِ الدِّيَاتِ وَلَامَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبَبِ ذَلِكَ آلَى عَلَى نَفْسِهِ أَنْ لَا يُقَاتِلَ مُسْلِمًا فَذَلِكَ سَبَبُ تَخَلُّفِهِ عَنْ عَلِيٍّ فِي الْجَمَلِ وصفين انْتهى مُلَخصا وَقَالَ بن التِّينِ إِنَّمَا مَنَعَ عَلِيًّا أَنْ يُعْطِيَ رَسُولَ أُسَامَةَ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَعَلَّهُ سَأَلَهُ شَيْئًا مِنْ مَالِ اللَّهِ فَلَمْ يَرَ أَنْ يُعْطِيَهُ لِتَخَلُّفِهِ عَنِ الْقِتَالِ مَعَهُ وَأَعْطَاهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَهُ وَاحِدًا مِنْهُمْ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُجْلِسُهُ عَلَى فَخِذِهِ وَيُجْلِسُ الْحَسَنَ عَلَى الْفَخِذِ الْآخَرِ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَنَاقِبِهِ قَوْلُهُ فَلَمْ يُعْطِنِي شَيْئًا هَذِهِ الْفَاءُ هِيَ الْفَصِيحَةُ وَالتَّقْدِيرُ فَذَهَبْتُ إِلَى عَلِيٍّ فَبَلَّغْتُهُ ذَلِكَ فَلَمْ يُعْطِنِي شَيْئًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَة بن أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَجِئْتُ بِهَا أَيِ الْمَقَالَةُ فَأَخْبَرْتُهُ فَلَمْ يُعْطِنِي شَيْئًا قَوْله فَذَهَبت إِلَى حسن وحسين وبن جَعْفَرٍ فَأَوْقَرُوا لِي رَاحِلَتِي أَيْ حَمَلُوا لِي عَلَى رَاحِلَتِي مَا أَطَاقَتْ حَمْلَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ جِنْسَ مَا أَعْطَوْهُ وَلَا نَوْعَهُ وَالرَّاحِلَةُ الَّتِي صَلَحَتْ لِلرُّكُوبِ مِنَ الْإِبِلِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَأَكْثَرُ مَا يُطْلَقُ الْوِقْرُ وَهُوَ بِالْكَسْرِ عَلَى مَا يَحْمِلُ الْبَغْلُ وَالْحِمَارُ وَأَمَّا حِمْلُ الْبَعِيرِ فَيُقَالُ لَهُ الْوَسْقُ وبن جَعْفَرٍ هُوَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بن عباد وبن أَبِي عُمَرَ الْمَذْكُورَةِ وَكَأَنَّهُمْ لَمَّا عَلِمُوا أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا عَوَّضُوهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مِنْ ثِيَابٍ وَنَحْوِهَا قَدْرَ مَا تَحْمِلُهُ رَاحِلَتُهُ الَّتِي هُوَ راكبها

الصفحة 68