كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)

فَهَزَمَهُ وَغَلَبَ عَلَى الشَّامِ ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَى مِصْرَ فَغَلَبَ عَلَيْهَا ثُمَّ مَاتَ فِي سَنَتِهِ فَبَايَعُوا بَعْدَهُ ابْنَهُ عَبْدَ الْمَلِكِ وَقَدْ أَخْرَجَ ذَلِكَ الطَّبَرِيُّ وَاضِحًا وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بَعْضَهُ مِنْ رِوَايَةِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَفِيهِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ لَمَّا مَاتَ دَعَا مَرْوَانُ لِنَفْسِهِ فَأَجَابَهُ أَهْلُ فِلَسْطِينَ وَأَهْلُ حِمْصٍ فَقَاتَلَهُ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ بِمَرْجِ رَاهِطٍ فَقُتِلَ الضَّحَّاكُ ثُمَّ مَاتَ مَرْوَانُ وَقَامَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَذَكَرَ قِصَّةَ الْحَجَّاجِ فِي قِتَالِهِ عَبْدَ اللَّهِ بن الزبير وَقَتله ثمَّ قَالَ بن بَطَّالٍ وَأَمَّا يَمِينُهُ يَعْنِي أَبَا بَرْزَةَ عَلَى الَّذِي بِمَكَّة يَعْنِي بن الزُّبَيْرِ فَإِنَّهُ لَمَّا وَثَبَ بِمَكَّةَ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ جَعَلَ أَبُو بَرْزَةَ ذَلِكَ نَكْثًا مِنْهُ وَحِرْصًا عَلَى الدُّنْيَا وَهُوَ أَيْ أَبُو بَرْزَةَ فِي هَذِهِ أَيْ قصَّة بن الزُّبَيْرِ أَقْوَى رَأْيًا مِنْهُ فِي الْأُولَى أَيْ قِصَّةِ مَرْوَانَ قَالَ وَكَذَلِكَ الْقُرَّاءُ بِالْبَصْرَةِ لِأَنَّ أَبَا بَرْزَةَ كَانَ لَا يَرَى قِتَالَ الْمُسْلِمِينَ أَصْلًا فَكَانَ يَرَى لِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يَتْرُكَ حَقَّهُ لِمَنْ نَازَعَهُ فِيهِ لِيُؤْجَرَ عَلَى ذَلِكَ وَيُمْدَحَ بِالْإِيثَارِ عَلَى نَفْسِهِ لِئَلَّا يَكُونَ سَبَبًا لِسَفْكِ الدِّمَاءِ انْتَهَى مُلَخَّصًا وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ مَرْوَانَ لَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ بَايَعَهُ النَّاسُ أَجْمَعُونَ ثمَّ نكث بن الزُّبَيْرِ بَيْعَتَهُ وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ أَبُو بَرْزَةَ قِتَالَهُ عَلَى الْخِلَافَةِ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ فِي طَاعَتِهِ وَبَايَعَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالَّذِي ذَكَرْتُهُ هُوَ الَّذِي تَوَارَدَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْأَخْبَارِ بِالْأَسَانِيدِ الجيدة وبن الزُّبَيْرِ لَمْ يُبَايِعْ لِمَرْوَانَ قَطُّ بَلْ مَرْوَانُ هَمَّ أَنْ يُبَايِعَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ

[7111] قَوْلُهُ لَمَّا خَلَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ فِي رِوَايَة أبي الْعَبَّاس السراج فِي تَارِيخه عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ وَزِيَادِ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ عَفَّانَ عَنْ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ لَمَّا انْتَزَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَخَلَعُوا يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ جَمَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بَنِيهِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُؤَمِّلِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فِي أَوَّلِهِ مِنَ الزِّيَادَة عَن نَافِع ان مُعَاوِيَة أَرَادَ بن عُمَرَ عَلَى أَنْ يُبَايِعَ لِيَزِيدَ فَأَبَى وَقَالَ لَا أُبَايِعُ لِأَمِيرَيْنِ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَخَذَهَا فَدَسَّ إِلَيْهِ رَجُلًا فَقَالَ لَهُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُبَايِعَ فَقَالَ إِنَّ ذَاكَ لِذَاكَ يَعْنِي عَطَاءَ ذَلِكَ الْمَالِ لِأَجْلِ وُقُوعِ الْمُبَايَعَةِ إِنَّ دِينِي عِنْدِي إِذًا لَرَخِيصٌ فَلَمَّا مَاتَ مُعَاوِيَة كتب بن عُمَرَ إِلَى يَزِيدَ بِبَيْعَتِهِ فَلَمَّا خَلَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَذَكَرَهُ قُلْتُ وَكَانَ السَّبَبُ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ الطَّبَرِيُّ مُسْنَدًا أَنَّ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ كَانَ أَمر على الْمَدِينَة بن عَمِّهِ عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَأَوْفَدَ إِلَى يَزِيدَ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَسِيلِ الْمَلَائِكَةِ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ الْمَخْزُومِيُّ فِي آخَرِينَ فَأَكْرَمَهُمْ وَأَجَازَهُمْ فَرَجَعُوا فَأَظْهَرُوا عَيْبَهُ وَنَسَبُوهُ إِلَى شُرْبِ الْخَمْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ وَثَبُوا عَلَى عُثْمَانَ فَأَخْرَجُوهُ وَخَلَعُوا يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ فَبَلَغَ ذَلِكَ يَزِيدَ فَجَهَّزَ إِلَيْهِمْ جَيْشًا مَعَ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ الْمُرِّيِّ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَهُمْ ثَلَاثًا فَإِنْ رَجَعُوا وَإِلَّا فَقَاتِلْهُمْ فَإِذَا ظَهَرَتْ فَأَبِحْهَا لِلْجَيْشِ ثَلَاثًا ثُمَّ اكْفُفْ عَنْهُمْ فَتَوَجَّهَ إِلَيْهِمْ فَوَصَلَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثِينَ فَحَارَبُوهُ وَكَانَ الْأَمِيرُ عَلَى الْأَنْصَارِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَنْظَلَةَ وَعَلَى قُرَيْشٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ وَعَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الْقَبَائِلِ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ الْأَشْجَعِيَّ وَكَانُوا اتَّخَذُوا خَنْدَقًا فَلَمَّا وَقَعَتِ الْوَقْعَةُ انْهَزَمَ أهل الْمَدِينَة فَقتل بن حَنْظَلَة وفر بن مُطِيعٍ وَأَبَاحَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ ثَلَاثًا فَقُتِلَ جَمَاعَةٌ صَبْرًا مِنْهُمْ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْجَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ وَبَايَعَ الْبَاقِينَ عَلَى أَنَّهُمْ خَوَلٌ لِيَزِيدَ وَأَخْرَجَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إِلَى جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ سَمِعْتُ أَشْيَاخَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا احْتُضِرَ دَعَا يَزِيدَ فَقَالَ لَهُ إِنَّ لَكَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَوْمًا فَإِنْ فَعَلُوا فَارْمِهِمْ بِمُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ فَإِنِّي عَرَفْتُ نَصِيحَتَهُ فَلَمَّا وَلِيَ يَزِيدُ وَفَدَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ وَجَمَاعَةٌ فَأَكْرَمَهُمْ وَأَجَازَهُمْ فَرَجَعَ فَحَرَّضَ النَّاسَ عَلَى يَزِيدَ وَعَابَهُ وَدَعَاهُمْ إِلَى خَلْعِ يَزِيدَ فَأَجَابُوهُ فَبَلَغَ يَزِيدَ فَجَهَّزَ إِلَيْهِمْ مُسْلِمَ بْنَ عُقْبَةَ فَاسْتَقْبَلَهُمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بجموع كَثِيرَة

الصفحة 70