كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)

الْوُقُوعِ فِيهِ قَوْلُهُ وَإِنَّ ذَاكَ الَّذِي بِمَكَّةَ زَاد يزِيد بن زُرَيْع يَعْنِي بن الزُّبَيْرِ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ

[7113] قَوْلُهُ عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ هُوَ بن حَيَّانَ بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ ثَقِيلَةٍ أَسَدِيٌّ كُوفِيٌّ يُقَالُ لَهُ بَيَّاعُ السَّابِرِيِّ بِمُهْمَلَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ مِنْ طَبَقَةِ الْأَعْمَشِ وَلَكِنَّهُ قَدِيمُ الْمَوْتِ قَوْلُهُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ الْيَوْمَ شَرٌّ مِنْهُمْ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ آدَمَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ ان الْمُنَافِقين الْيَوْم هم شَرٌّ مِنْهُمْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ قَوْلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ نَحْوَ النَّاسِ إِذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالضَّمِيرِ الْقَائِمِ مَقَامَ الْمُنَافِقِينَ لِأَنَّ الضَّمِيرَ لَا يعْمل قَالَ بن بَطَّالٍ إِنَّمَا كَانُوا شَرًّا مِمَّنْ قَبْلَهُمْ لِأَنَّ الْمَاضِينَ كَانُوا يُسِرُّونَ قَوْلَهُمْ فَلَا يَتَعَدَّى شَرُّهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ وَأَمَّا الْآخَرُونَ فَصَارُوا يَجْهَرُونَ بِالْخُرُوجِ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَيُوقِعُونَ الشَّرَّ بَيْنَ الْفِرَقِ فَيَتَعَدَّى ضَرَرُهُمْ لِغَيْرِهِمْ قَالَ وَمُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ جَهْرَهُمْ بِالنِّفَاقِ وَشَهْرَ السِّلَاحِ عَلَى النَّاسِ هُوَ الْقَوْلُ بِخِلَافِ مَا بَذَلُوهُ مِنَ الطَّاعَةِ حِينَ بَايَعُوا أَوَّلًا مَنْ خَرَجُوا عَلَيْهِ آخِرًا انْتهى وَقَالَ بن التِّينِ أَرَادَ أَنَّهُمْ أَظْهَرُوا مِنَ الشَّرِّ مَا لَمْ يُظْهِرْ أُولَئِكَ غَيْرَ أَنَّهُمْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِالْكُفْرِ وَإِنَّمَا هُوَ النَّفْثُ يُلْقُونَهُ بِأَفْوَاهِهِمْ فَكَانُوا يُعْرَفُونَ بِهِ كَذَا قَالَ وَيَشْهَدُ لِمَا قَالَ بن بَطَّالٍ مَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قُلْتُ لِحُذَيْفَةَ النِّفَاقُ الْيَوْمَ شَرٌّ أَمْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى جَبْهَتِهِ وَقَالَ أَوَّهْ هُوَ الْيَوْمَ ظَاهِرٌ إِنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَخْفُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثُ الرَّابِعُ

[7114] قَوْلُهُ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ هُوَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ وَاسْمُهُ سُلَيْمُ بْنُ أَسْوَدَ الْمُحَارِبِيُّ قَوْلُهُ عَنْ حُذَيْفَةَ لَمْ أَرَ لِأَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ حُذَيْفَةَ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ وَلَمْ أَرَهُ إِلَّا مُعَنْعَنًا وَكَأَنَّهُ تَسَمَّحَ فِيهِ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ حُذَيْفَةَ وَهُوَ الْمَذْكُورُ قَبْلَهُ أَوْ ثَبْتَ عِنْدَهُ لُقِيُّهُ حُذَيْفَةَ فِي غَيْرِ هَذَا قَوْلُهُ إِنَّمَا كَانَ النِّفَاقُ أَيْ مَوْجُودًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ عَنْ مِسْعَرٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ كَانَ الْمُنَافِقُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَإِنَّمَا هُوَ الْكُفْرُ بَعْدَ الْإِيمَانِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَفِي رِوَايَةٍ فَإِنَّمَا هُوَ الْكُفْرُ أَوِ الْإِيمَانُ وَكَذَا حَكَى الْحُمَيْدِيُّ فِي جَمْعِهِ أَنَّهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ مِسْعَرٍ فَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ الْكُفْرُ بَعْدَ الْإِيمَانِ قَالَ وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مِسْعَرٍ فَضَحِكَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَبِيبٌ فَقُلْتُ لِأَبِي الشَّعْثَاءِ مِمَّ ضَحِكَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ لَا أَدْرِي قُلْتُ لَعَلَّهُ عَرَفَ مُرَادَهُ فَتَبَسَّمَ تَعَجُّبًا من حفظه أَو فهمه قَالَ بن التِّينِ كَانَ الْمُنَافِقُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَنُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَأَمَّا مَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ فَإِنَّهُ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ وَعَلَى فِطْرَتِهِ فَمَنْ كَفَرَ مِنْهُمْ فَهُوَ مُرْتَدٌّ وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَتْ أَحْكَامُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُرْتَدِّينَ انْتَهَى وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ حُذَيْفَةَ لَمْ يُرِدْ نَفْيَ الْوُقُوعِ وَإِنَّمَا أَرَادَ نَفْيَ اتِّفَاقِ الْحُكْمِ لِأَنَّ النِّفَاقَ إِظْهَارُ الْإِيمَانِ وَإِخْفَاءُ الْكُفْرِ وَوُجُودُ ذَلِكَ مُمْكِنٌ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْحُكْمُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَأَلَّفُهُمْ وَيَقْبَلُ مَا أَظْهَرُوهُ مِنَ الْإِسْلَامِ وَلَوْ ظَهَرَ مِنْهُمُ احْتِمَالُ خِلَافِهِ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَمَنْ أَظْهَرَ شَيْئًا فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ وَلَا يُتْرَكُ لِمَصْلَحَةِ التَّأَلُّفِ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إِلَى ذَلِكَ وَقِيلَ غَرَضُهُ أَنَّ الْخُرُوجَ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ جَاهِلِيَّةٌ وَلَا جَاهِلِيَّةَ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ تَفْرِيقٌ لِلْجَمَاعَةِ فَهُوَ بِخِلَافِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا تَفَرَّقُوا وَكُلُّ ذَلِكَ غَيْرُ مَسْتُورٍ فَهُوَ كالكفر بعد الْإِيمَان

الصفحة 74