كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)

وَيُطلق على الْمَرَض لِأَن فِيهِ تعبا قَالَ بن دُرَيْدٍ يُقَالُ نَصَبَهُ الْمَرَضُ وَأَنْصَبَهُ وَهُوَ تَغَيُّرُ الْحَالِ مِنْ تَعَبٍ أَوْ وَجَعٍ قَوْلُهُ قُلْتُ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ الْخَشْيَةُ مِنْهُ مَثَلًا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي أَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَهِيَ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ وَالضَّمِيرُ فِي أَنَّهُمْ لِلنَّاسِ أَوْ لِأَهْلِ الْكِتَابِ قَوْلُهُ جَبَلَ خُبْزٍ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا زَايٌ وَالْمُرَادُ أَنَّ مَعَهُ مِنَ الْخُبْزِ قَدْرُ الْجَبَلِ وَأَطْلَقَ الْخُبْزَ وَأَرَادَ بِهِ أَصْلَهُ وَهُوَ الْقَمْحُ مَثَلًا زَادَ فِي رِوَايَةِ هُشَيْمٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَعَهُ جِبَالٌ مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ وَنَهَرٌ مِنْ مَاءٍ وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حُمَيْدٍ إِنَّ مَعَهُ الطَّعَامَ وَالْأَنْهَارَ وَفِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ أَنَّ مَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ قَوْلُهُ وَنَهَرَ مَاءٍ بِسُكُونِ الْهَاءِ وَبِفَتْحِهَا قَوْلُهُ قَالَ بَلْ هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ سَقَطَ لَفْظُ بَلْ مِنْ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَقَالَ عِيَاضٌ مَعْنَاهُ هُوَ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ يَجْعَلَ مَا يَخْلُقُهُ عَلَى يَدَيْهِ مُضِلًّا لِلْمُؤْمِنِينَ وَمُشَكِّكًا لِقُلُوبِ الْمُوقِنِينَ بَلْ لِيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَيَرْتَابَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَهُوَ مِثْلُ قَوْلِ الَّذِي يَقْتُلُهُ مَا كُنْتُ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي فِيكَ لَا أَنَّ قَوْلَهُ هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مَعَهُ بَلِ الْمُرَادُ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ يَجْعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ آيَةً عَلَى صِدْقِهِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ جَعَلَ فِيهِ آيَةً ظَاهِرَةً فِي كَذِبِهِ وَكُفْرِهِ يَقْرَأُهَا مَنْ قَرَأَ وَمَنْ لَا يَقْرَأُ زَائِدَةً عَلَى شَوَاهِدِ كَذِبِهِ مَنْ حَدَثِهِ وَنَقْصِهِ قُلْتُ الْحَامِلُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّهُ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ مَرْفُوعٍ وَمَعَهُ جَبَلٌ مِنْ خُبْزٍ وَنَهْرٌ مِنْ مَاءٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ مِنْ طَرِيقِ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ انْطَلَقْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقُلْنَا حَدِّثْنَا بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدَّجَّالِ وَلَا تُحَدِّثْنَا عَنْ غَيْرِهِ فَذَكَرَ حَدِيثًا فِيهِ تُمْطَرُ الْأَرْضُ وَلَا يُنْبِتُ الشَّجَرُ وَمَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ فَنَارُهُ جَنَّةٌ وَجَنَّتُهُ نَارٌ وَمَعَهُ جَبَلُ خُبْزٍ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَلِأَحْمَدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ جُنَادَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مَعَهُ جِبَالُ الْخُبْزِ وَأَنْهَارُ الْمَاءِ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَعَهُ جِبَالٌ مِنْ خُبْزٍ وَالنَّاسُ فِي جَهْدٍ إِلَّا مَنْ تَبِعَهُ وَمَعَهُ نَهْرَانِ الْحَدِيثَ فَدَلَّ مَا ثَبَتَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ ظَاهِرَهُ وَأَنَّهُ لَا يَجْعَلُ عَلَى يَدَيْهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَلْ هُوَ عَلَى التَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ وَسَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ الثَّامِنِ أَنَّ مَعَهُ جَنَّةً وَنَارًا وغفل القَاضِي بن الْعَرَبِيِّ فَقَالَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ عِنْدِ مُسْلِمٍ لَمَّا قَالَ لَهُ لَنْ يَضُرَّكَ قَالَ إِنَّ مَعَهُ مَاءً وَنَارًا قُلْتُ وَلَمْ أر ذَلِك فِي حَدِيث الْمُغيرَة قَالَ بن الْعَرَبِيِّ أَخَذَ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ مَنْ رَدَّ مِنَ الْمُبْتَدِعَةِ الْأَحَادِيثَ الثَّابِتَةَ أَنَّ مَعَهُ جَنَّةً وَنَارًا وَغَيْرَ ذَلِكَ قَالَ وَكَيْفَ يَرُدُّ بِحَدِيثٍ مُحْتَمَلٍ مَا ثَبَتَ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فَلَعَلَّ الَّذِي جَاءَ فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ جَاءَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ هُوَ أَهْوَنُ أَيْ لَا يُجْعَلُ لَهُ ذَلِكَ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا هُوَ تَخْيِيلٌ وَتَشْبِيهٌ عَلَى الْأَبْصَارِ فَيَثْبُتُ الْمُؤْمِنُ ويزل الْكَافِر وَمَال بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ إِلَى الْآخَرِ فَقَالَ هَذَا لَا يُضَادُّ خَبَرَ أَبِي مَسْعُودٍ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ نَهْرَ مَاءٍ يَجْرِي فَإِنَّ الَّذِي مَعَهُ يَرَى انه مَاء وَلَيْسَ بِمَاء الْحَدِيثُ الثَّانِي

[7124] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ بِسُكُونِ الْعَيْنِ وَفِي بَعْضِ النَّسْخِ بِكَسْرِهَا وَزِيَادَةِ يَاء وَهُوَ تَحْرِيف قَوْله شَيبَان هُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ نَسَبَهُ عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ عَنْ سَعْدِ بْنِ حَفْصٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَيحيى هُوَ بن أَبِي كَثِيرٍ قَوْلُهُ يَجِيءُ الدَّجَّالُ حَتَّى يَنْزِلَ فِي نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْآتِي بَعْدَ بَابِ يَنْزِلُ بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتِي فِي الْمَدِينَةِ وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ فَيَأْتِي سَبَخَةَ الْجُرُفِ فَيَضْرِبُ رِوَاقَهُ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ كُلُّ مُنَافِقٍ وَمُنَافِقَةٍ وَالْجُرُفُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَالرَّاءِ بَعْدَهَا فَاءٌ مَكَانٌ بِطَرِيقِ الْمَدِينَةِ مِنْ جِهَةِ الشَّامِ عَلَى مِيلٍ وَقِيلَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَالْمُرَادُ بِالرِّوَاقِ الْفُسْطَاطُ وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ نَزَلَ عِنْد الطَّرِيق

الصفحة 93