كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)

ثَبَتَتْ أَنَّهُ يَخْرُجُ بَعْدَ أُمُورٍ ذُكِرَتْ وَأَنَّ عِيسَى يَقْتُلُهُ بَعْدَ أَنْ يَنْزِلَ مِنَ السَّمَاءِ فَيَحْكُمَ بِالشَّرِيعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ كَانَ وَقْتُ خُرُوجِهِ أَخْفَى عَلَى نُوحٍ وَمَنْ بَعْدَهُ فَكَأَنَّهُمْ أُنْذِرُوا بِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُمْ وَقْتَ خُرُوجِهِ فَحَذَّرُوا قَوْمَهُمْ مِنْ فِتْنَتِهِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ وَقْتُ خُرُوجِهِ وَعَلَامَاتُهُ فَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ فِي حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ بُيِّنَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَالُهُ وَوَقْتُ خُرُوجِهِ فَأَخْبَرَ بِهِ فَبِذَلِكَ تَجْتَمِعُ الْأَخْبَارُ وَقَالَ بن الْعَرَبِيِّ إِنْذَارُ الْأَنْبِيَاءِ قَوْمَهُمْ بِأَمْرِ الدَّجَّالِ تَحْذِيرٌ مِنَ الْفِتَنِ وَطُمَأْنِينَةٌ لَهَا حَتَّى لَا يُزَعْزِعَهَا عَنْ حُسْنِ الِاعْتِقَادِ وَكَذَلِكَ تَقْرِيبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ زِيَادَةٌ فِي التَّحْذِيرِ وَأَشَارَ مَعَ ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُمْ إِذَا كَانُوا عَلَى الْإِيمَانِ ثَابِتِينَ دَفَعُوا الشُّبَهَ بِالْيَقِينِ قَوْلُهُ وَلَكِنِّي سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ قِيلَ إِنَّ السِّرَّ فِي اخْتِصَاصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّنْبِيهِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّهُ أَوْضَحَ الْأَدِلَّةَ فِي تَكْذِيبِ الدَّجَّالِ أَنَّ الدَّجَّالَ إِنَّمَا يَخْرُجُ فِي أُمَّتِهِ دُونَ غَيْرِهَا مِمَّنْ تَقَدَّمَ مِنَ الْأُمَمِ وَدَلَّ الْخَبَرُ عَلَى أَنَّ عِلْمَ كَوْنِهِ يَخْتَصُّ خُرُوجُهُ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ كَانَ طُوِيَ عَنْ غَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا طُوِيَ عَنِ الْجَمِيعِ عِلْمُ وَقْتِ قِيَامِ السَّاعَةِ قَوْلُهُ إنَّهُ أَعْوَرُ وَإنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ إِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ أَنَّ أَدِلَّةَ الْحُدُوثِ فِي الدَّجَّالِ ظَاهِرَةٌ لِكَوْنِ الْعَوَرِ أثر محسوس يُدْرِكُهُ الْعَالِمُ وَالْعَامِّيُّ وَمَنْ لَا يَهْتَدِي إِلَى الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ فَإِذَا ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ وَهُوَ نَاقِصُ الْخِلْقَةِ وَالْإِلَهُ يَتَعَالَى عَنِ النَّقْصِ عُلِمَ أَنَّهُ كَاذِبٌ وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَأَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بَعْضَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَئِذٍ لِلنَّاسِ وَهُوَ يُحَذِّرُهُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُم ربه حَتَّى يَمُوت وَعند بن مَاجَهْ نَحْوُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ وَعِنْدَ الْبَزَّارِ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ دَعْوَاهُ الرُّبُوبِيَّةَ كَذِبٌ لِأَنَّ رُؤْيَةَ اللَّهِ تَعَالَى مُقَيَّدَةٌ بِالْمَوْتِ وَالدَّجَّالُ يَدَّعِي أَنَّهُ اللَّهُ وَيَرَاهُ النَّاسُ مَعَ ذَلِكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَرَى اللَّهَ تَعَالَى فِي الْيَقَظَةِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا الْقُوَّةَ الَّتِي يُنْعِمُ بِهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي الْآخِرَةِ الْحَدِيثُ السَّادِسُ

[7128] قَوْلُهُ عَنْ عقيل بِالضَّمِّ هُوَ بن خَالِدٍ قَوْلُهُ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ زَادَ فِي ذِكْرِ عِيسَى مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بن سعد بِهَذَا السَّنَد إِلَى بن عُمَرَ قَالَ لَا وَاللَّهِ مَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِيسَى أَحْمَرُ وَلَكِنْ قَالَ بَيْنَمَا الْحَدِيثَ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ عَن بن شِهَابٍ رَأَيْتُنِي قَبْلَ قَوْلِهِ أَطُوفُ وَهُوَ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَتَقَدَّمَ فِي التَّعْبِيرِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَن نَافِع عَن بن عُمَرَ أَرَانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكُلُّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهَا رُؤْيَا مَنَامٍ وَالَّذِي نَفَاهُ بن عُمَرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ جَاءَ عَنْهُ إِثْبَاتُهُ فِي رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ عَنْهُ قَالَ رَأَيْتُ عِيسَى وَمُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ فَأَمَّا عِيسَى فَأَحْمَرُ جَعْدٌ عَرِيضُ الصَّدْرِ وَأَمَّا مُوسَى فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي تَرْجَمَتِهِ مُسْتَوْفًى وَأَنَّ الصَّوَابَ ان مُجَاهدًا انما روى هَذَا عَن بن عَبَّاسٍ قَوْلُهُ فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ بِالْمَدِّ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ رَأَيْتُ رَجُلًا آدَمَ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الدَّالِ قَوْلُهُ سَبْطُ الشَّعْرِ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِهَا أَيْضًا قَوْلُهُ يَنْطِفُ بِكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَوْ يُهْرَاقُ كَذَا بِالشَّكِّ وَلَمْ يَشُكَّ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ لَهُ لِمَّةٌ بِكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ اللِّمَمِ وَفِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ تَضْرِبُ بِهِ لِمَّتُهُ بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ رَجْلُ الشَّعْرِ يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً قَوْلُهُ قَدْ رَجَّلَهَا بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ يَقْطُرُ مَاءً وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ مُتَّكِئًا عَلَى عَوَاتِقِ رَجُلَيْنِ يطوف

الصفحة 96