(فرع)
العقار يختلف مكانه من شارع كبير إلى أزقة ضيقة إلى نواصى الطرقات إلى واجهة في ميدان فسيح مما يجعل كل مكان يختلف ثمنه باختلاف موقعه، وقد يكون مكان مكتظ بالسكان والاهلين وهو أقل سعرا من مكان لا كثافة فيه بالاهلين، ومن هنا كان اختلاف الثمن مع اختلاف الغرض يجعل ثبوت العين بالصفات المطلوبة في الذمة أمرا مستحيلا، ومن ثم لا يجوز السلم في العقار كما قال المصنف.
قال المصنف رحمه الله:
(فصل)
ولا يجوز السلم إلا في شئ عام الوجود مأمون الانقطاع في المحل فان أسلم فيما لا يعم كالصيد في موضع لا يكثر فيه أو ثمرة ضيعة بعينها أو جعل المحل وقتا لا يأمن انقطاعه فيه لم يصح لما روى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن زيد بن سعنة قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يا محمد هل لك أن تبيعني تمرا معلوما إلى أجل معلوم من حائط بنى فلان فقال لا يا يهودى ولكن أبيعك تمرا معلوما إلى كذا وكذا من الاجل ولانه لا يؤمن أن يتعذر المسلم فيه وذلك غرر من غير حاجة فمنع صحة العقد.
(الشرح) حديث عبد الله بن سلام مر ذكره في البيوع وبيان درجته وفى
بابه لانس في الطبراني في الكبير والبزار وفيه موسى بن عبيدة الربذى وهو ضعيف أورده الهيثمى في مجمع الزوائد، وزيد بن سعنة كان من أحبار اليهود، أسلم وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم مشاهد كثيرة وتوفى في غزوة تبوك مقبلا إلى المدينة روى عنه عبد الله بن سلام، وكان عبد الله بن سلام يقول: قال زيد بن سعية - بالياء - ما من علامات النبوة شئ الا وقد عرفته في وجه محمد صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم، وهذه الرواية وقعت قبل أن يسلم زيد، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل ليهودي بعد اسلامه: يا يهودى فعرف أنها كانت قبل اسلامه.
أما أحكام الفصل: فإنه مكمل لما سبق أن بيناه من أقوال الفقهاء في أن السلم لا يصح في شئ يندر وجوده، ونتيجة لذلك لا يصح الا في عام الوجود مأمون