كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 13)

جاز له الايداع والاقراض، فان قدر على الايداع دون الاقراض أودع، ولا يودع إلا ثقة، وان قدر على الاقراض دون الايداع أقرضه، ولا يقرضه إلا ثقة مليئا، لان غير الثقة يجحد، وغير الملئ لا يمكن أخذ البدل منه، فان أقرض ورأى أخذ الرهن عليه أخذ، وان رأى ترك الرهن لم يأخذ وإن قدر على الايداع والاقراض فالاقراض أولى، لان القرض مضمون بالبدل والوديعة غير مضمونة فكان القرض أحوط، فان ترك الاقراض وأودع ففيه وجهان
(أحدهما)
يجوز لانه يجوز كل واحد منهما، فإذا قدر عليهما تخير بينهما
(والثانى)
لا يجوز لقوله تعالى (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتى هي أحسن)
والاقراض ههنا أحسن فلم يجز تركه، ويجوز أن يقترض له إذا دعت إليه الحاجة ويرهن ماله عليه لان في ذلك مصلحة له فجاز (الشرح) إذا خاف على ماله من نهب أو غرق أو حريق ولم يقدر الولى على المسافرة به، أو أراد الولى السفر إلى موضع لا يمكنه نقل المال إليه، أو يحتاج في نقله إلى مؤنة مجحفة جاز أن يودعه أو يقرضه في هذه الاحوال، فان قدر على الايداع دون الاقراض أودعه ثقة، وان قدر على الاقراض دون الايداع أقرضه ثقة مليئا وأشهد عليه، لان غير الثقة يجحد وغير الملئ لا يمكن أخذ المال منه أو بدله إذا تلف، فان رأى أن المصلحة والحظ في أخذ الرهن أخذه، وان رأى أن " التى هي أحسن " في ترك الرهن تركه ولم يأخذه بأن يكون الموضع مخوفا وكان الولى ممن يرى سقوط الحق يتلف الرهن، لانه لا حظ له في أخذ الرهن مع ذلك.
وان قدر على الاقراض ففيه وجهان
(أحدهما)
يجوز لان كل واحد منهما يجوز فيميز بينهما
(والثانى)
لا يجوز، لان الاقراض أحظ له، فإذا نزل الاحظ ضمن.
(فرع)
فأما الاقراض له فيجوز إذا دعته إلى ذلك حاجة للنفقه عليه والكسوة أو النفقة على عقارة المنهدم إذا كان له مال غائب فتوقع قدومه أو ثمرة ينتظرها يفى بذلك، وان لم يكن له شئ ينتظر فلا حظ له في الاقراض، بل يبيع عليه شيئا من أصوله ويصرف في نفقته.

الصفحة 354