كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 13)

الشافعي رضى الله عنه فله تأويلان
(أحدهما)
أنه أراد أمنى وحاض من فرج واحد
(والثانى)
أراد حاض وأمنى.
فان قيل: هلا جعلتم خروج المنى منه من أحد الفرجين، دليلا على بلوغه؟ كما جعلتم خروج البول دليلا على ذكوريته وأنوثيته، فالجواب أن البول لا يخرج الا من الفرج المعتاد، والمنى قد يخرج من المعتاد وغيره.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل)
فأما ايناس الرشد فهو اصلاح الدين والمال فاصلاح الدين ان لا يرتكب من المعاصي ما يسقط به العدالة واصلاح المال أن يكون حافظا لماله غير مبذر ويختبره الولى اختبار مثله من تجارة ان كان تاجرا أو تناء ان كان تانئا (1) أو اصلاح أمر البيت ان كانت امرأة.
واختلف أصحابنا في وقت الاختيار فمنهم من قال: لا يختبر في التجارة الا بعد البلوغ لان قبل البلوغ يصح تصرفه، فلا يصح اختباره، ومنهم من قال: يختبر قبل البلوغ لقوله تَعَالَى " وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ " فأمر باختبار اليتامى وهم الصغار فعلى هذا كيف يختبر فيه وجهان
(أحدهما)
أنه يسلم إليه المال فإذا ساوم وقرر الثمن عقد الولى لان عقد الصبى لا يصح
(والثانى)
أنه يتركه حتى يعقد لان هذا موضع ضرورة.

(فصل)
وان بلغ مبذرا (2) استديم الحجر عليه لان الحجر عليه انما يثبت للحاجة إليه لحفظ المال والحاجة قائمة مع التبذير فوجب أن يكون الحجر باقيا، وان بلغ مصلحا للمال فاسقا في الدين استديم الحجر عليه لقوله تعالى " فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ " والفاسق لم يؤنس منه الرشد ولان حفظه للمال لا يوثق به مع الفسق لانه لا يؤمن ان يدعوه الفسق إلى التبذير فلم يفك الحجر عنه ولهذا لم تقبل شهادته، وان كان معروفا بالصدق لانا لا نأمن أن يدعوه الفسق إلى الكذب وينظر في ماله من كان ينظر في حال الصغر وهو الاب والجد
__________
(1) قوله " أو تناء ان كان تانئا " التنأ الزراعة والتانئ الزارع (2) المبذر الذى يخرج المال في غير وجهه وأصله التفريق، ومنه البذر في الزراعة لانه يفرق.

الصفحة 366