كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 13)

الحجر، وبه قال عثمان وعلى والزبير وابن الزبير وعبد الله بن جعفر وعائشة أم المؤمنين وشريح ومالك وأبو يوسف ومحمد، وقد مضى خلاف أبى حنيفة لهم جميعا
دليلنا ما مضى في قوله تعالى (فان كان الذى عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل) قال الشافعي رضى الله عنه: والسفيه هو المفسد لماله ودينه، والضعيف هو الصبى والشيخ الفاني، والذى لا يستطيع أن يمل المجنون والسفيه اسم ذم يتناول المبذر، فأما قوله تعالى (سيقول السفهاء من الناس) الاية.
فأراد اليهود.
وقيل أراد المنافقين.
وقيل أراد اليهود والنصارى.
وقوله تعالى (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) الاية.
قيل أراد به النساء، وهو قول مجاهد وهذا القول لا يصح، انما تقول العرب للنساء سفائه أو سفيهات، لانه الاكثر في جمع فعلية، وروى عن عمر رضى الله عنه: من لم يتفقه فلا يتجر في سوقنا، قال القرطبى فكذلك قوله تعالى (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) يعنى الجهال بالاحكام، وقوله تعالى " أموالكم " أي أموالهم، كقوله تعالى " لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " أي أموال بعضكم.
ويدل على ما ذكرناه أن حبان بن منقذ أصابه في عقله ضعف، فأتى أهله إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه أن يحجر عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لا تبع، فقال انى لا أصبر، فقال صلى الله عليه وسلم: من بايعته فقل: لا خلابة ولك الخيار ثلاثا " فلو كان الحجر لا يجوز على البالغ لانكر رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ سؤالهم، وانما لم يجبهم إلى الحجر لانه يحتمل أن يكون الذى يغبن به مما يتغابن الناس بمثله.
ويدل على ما ذكرناه اجماع الصحابة في قصة عبد الله بن جعفر حين قال عثمان رضى الله عنه: كيف أحجر على من شريكه الزبير، وانما قال هذا لان الزبير ابن العوام رضى الله عنه كان معروفا ببصره في التجارة، فدل على أن الحجر
جائز عندهم بالاجماع.
وروى أن عائشة رضى الله عنها كانت تنفق نفقة كثيرة، فقال ابن الزبير

الصفحة 378