كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 13)

قال المصنف رحمه الله: كتاب الصلح إذا كان لرجل عند رجل عين في يده، أو دين في ذمته، جاز أن يصالح منه والدليل عليه ما رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " المسلمون على شروطهم، والصلح جائز بين المسلمين " فإن صالح عن المال على مال، فهو بيع يثبت فيه ما يثبت في البيع من الخيار، ويحرم فيه ما يحرم في البيع
من الغرر، والجهالة، والربا، ويفسد بما يفسد به البيع من الشروط الفاسدة، لانه باع ماله بمال، فكان حكمه حكم البيع فيما ذكرناه، وإن صالحه من دين على دين وتفرقا قبل القبض لم يصح، لانه بيع دين بدين تفرقا فيه قبل القبض.
فإن صالحه من دين على عين، وتفرقا قبل القبض، ففيه وجهان.
أحدهما: لا يصح، لانهما تفرقا والعوض والمعوض في ضمان واحد، فأشبه إذا تفرقا عن دين بدين.
والثانى: يصح، لانه بيع عين بدين فصار كبيع العين بالثمن في الذمه، وان صالح عن المال على منفعه فهو إجارة يثبت فيه ما يثبت في الاجارة من الخيار.
ويبطل بما تبطل به الاجارة من الجهالة.
لانه استأجر منفعة بالمال فكان حكمه فيما ذكرناه حكم الاجارة.

(فصل)
وإن صالح من دار على نصفها ففيه وجهان
(أحدهما)
لا يصح، لانه ابتاع ماله بماله
(والثانى)
يصح، لانه لما عقد بلفظ الصلح صار كأنه وهب النصف وأخذ النصف وإن صالحه من الدار على سكناها سنة ففيه وجهان.

(أحدهما)
لا يصح، لانه ابتاع داره بمنفعتها
(والثانى)
يصح، لانه لما عقد بلفظ الصلح صار كما لو أخذ الدار وأعاره سكناها سنة وإن صالحه من ألف درهم على خمسمائة ففيه وجهان
(أحدهما)
لا يصح، لانه بيع ألف بخمسمائة
(والثانى)
أنه يصح لانه لما عقد بلفظ الصلح جعل كأنه قال أبرأتك من خمسمائة وأعطني خمسمائة.

الصفحة 383