كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 13)

وقد روى من طريق عبد الله بن الحسين المصيصى وهو ثقة، وكثير بن زيد المذكور، قال أبو زرعة صدوق، ووثقه ابن معين، والوليد بن رباح صدوق أيضا، ولا يخفى أن الاحاديث المذكورة، والطرق يشهد بعضها لبعض.
قال الشوكاني: فأقل أحوالها أن يكون المتن الذى اجتمعت عليه حسنا.
أما لغات الفصل: فالصلح هو التوفيق، ومنه صلح الحديبية، والصلاح هو الخير والصواب وصالح للامر أي له أهلية القيام به.
وفى الدين أقسام: صلح المسلم مع الكافر.
والصلح بين الزوجين.
والصلح بين الفئتين الباغية والعادلة.
والصلح بين المقاضين.
والصلح في الجراح كالعفو على المال.
والصلح لقطع الخصومة إذا وقعت المزاحمة إما في الاملاك أو في المشتركات وهذا الصلح الاخير هو الذى يتكلم فيه أصحابنا من أهل الفروع، أما الاحكام: فإن الاصل في جواز الصلح الكتاب والسنة والاجماع.
أما الكتاب فقوله تعالى " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما الاية " فأمر الله تعالى بالصلح بين المؤمنين.
وقوله تعالى " وان إمرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا، والصلح خير " وقوله تعالى " وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ان يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما " فدلت هذه الايات على جواز الصلح.
أما السنة فقد روى البخاري وأحمد والترمذي وصححه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " من كانت عنده مظلمة لاخيه من عرضه أو شئ فليتحلل منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم ان كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته.
وان لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه " لفظ البخاري هكذا أما الاخران فقالا فيه " مظلمة من مال أو عرض " وحديث أبى هريرة الذى ساقة المصنف وأحاديث أخرى تأتى في فصول الصلح
الاتية ان شاء الله تعالى.
وأما الاجماع فإن الامة أجمعت على جوازه.
إذا ثبت هذا: فإن الصلح فرع على غيره، وهو ينقسم على خمسة أقسام:

الصفحة 385