كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 13)

قسم هو فرع على البيع، وهو أن يدعى عليه عينا في يده فيقر له بها فيصالحه من ذلك على عين أو دين، فهذا حكمه حكم ما لو اشترى منه عينا بعين أخرى أو بدين، فيعتبر فيه ما يعتبر في البيع من الربا.
ويبطل بما يبطل فيه البيع من الغرر وثبت فيه ما ثبت في البيع من الخيار، لان ذلك مع تلفظ الصلح وإن ادعى عليه دينا في ذمته فأقر له به ثم صالحه منه على ذمته وتفرقا قبل القبض لم يصح الصلح، كما لا يصح في بيع الدين بالدين، وإن صالحه منه على عين وقبض العين قبل التفرق صح الصلح - إذا كان الدين مما يصح أخذ العوض عنه وإن افترقا عن المجلس قبل فبض العين فهل يصح؟ فيه وجهان
(أحدهما)
لا يصح لانهما افترقا والعوض في ضمان واحد فلم يصح، كما لو صالحه من دين على دين وتفرقا قبل القبض
(والثانى)
يصح كما يصح في بيع العين بالدين القسم الثاني: صلح هو فرع على الاجارة، وهو أن يدعى عليه عينا في يده أو دينا في ذمته فيقر له به، ثم يصالحه من ذلك على سكنى داره شهرا، أو استعمال سيارته مدة معلومة: ويملك المقر ما ادعى عليه به، ويملك المقر له منفعة الدار والسيارة، كما لو استأجر منه ذلك، ويشترط فيه ما يشترط في الاجارة على ما يأتي بيانه فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الْقِسْمُ الثالث: صلح هو فرع على الابراء والحطيطة.
وهو أن يدعى عليه ألفا في ذمته فيقر له بها فيصالحه على بعضها.
قال الشيخ أبو حامد: فهذا ينقسم
قسمين
(أحدهما)
أن يقول الذى عليه الحق لمن له الحق: أدفع اليك خمسمائة بشرط أن تسقط عنى الخمسمائة الاخرى، أو يقول صاحب الحق: ادفع إلى خمسمائة على أن أسقط عنك الخمسمائة الاخرى.
فهذا لا يجوز، فإذا فعلا ذلك كان باطلا، وكان لصاحب الالف المقر له أن يطالب بالخمسمائة الاخرى، لانه دفع إليه بعض حقه وشرطه شرطا لا يلزمه، فسقط الشرط، ووجب الالف بالاقرار
(والثانى)
أن يقول أدفع اليك خمسمائة وأبرئني من خمسمائة، أو يقول الذى له الحق: ادفع إلى خمسمائة فقد أبرأتك من الخمسمائة الاخرى، فإن هذا

الصفحة 386