كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 13)

(قلت) فإذا صالح رجلا على موضع قناة من أرضه يجرى فيها ماء وبينا موضعها وعرضها وطولها جاز، لان ذلك بيع موضع من أرضه، ولا حاجة إلى بيان عمقه، لانه إذا ملك الموضع كان له إلى تخومه، فله أن يترك فيه ما شاء، وإن صالحه على إجراء الماء في ساقية من أرض رب الارض مع بقاء ملكه عليها فهذا إجارة للارض فيشترط تقدير المدة لان هذا شأن الاجارة فان كانت الارض في يد رجل بإجارة جاز أن يصالح رجلا على إجراء الماء فيها في ساقية محفورة مدة لا تجاوز مدة إجارته، وإن لم تكن الساقية محفورة لم يجز أن يصالحه على ذلك، لانه لا يجوز إحداث ساقية في أرض في يده باجارة.
فأما إن كانت الارض في يده وقفا عليه فهو كالمستأجر، له أن يصالح على اجراء الماء في ساقية محفورة في مدة معلومة، وليس له أن يحفر فيها ساقية لانه لا يملكها إنما يستوفى منفعتها كالارض المستأجرة سواء وقال أصحاب أحمد: يجوز له حفر الساقية لان الارض له وله التصرف فيها كيفما شاء ما لم ينقل الملك إلى غيره، بخلاف المستأجر فانه إنما يتصرف فيها بما
أذن له فيه، فكان الموقوف عليه بمنزلة المستأجر إذا أذن له في الحفر، فان مات الموقوف عليه في أثناء المدة، فهل لمن انتقل إليه فسخ الصلح فيما بقى من المدة؟ على وجهين.
(فرع)
إذا ادعى على رجل مالا فأقر له به ثم قال صالحني فيه على أن أعطيك مسيل ماء في ملكى، قال الشافعي رضى الله عنه " فان بينا الموضع وقدر الطول والعرض صح، لان ذلك بيع لموضع من أرضه ولا يحتاجان ان يبينا عمقه لانه إذا ملك الموضع كان له النزول إلى تخومه، وهل يملك المدعى عليه هذه الساقية فيه وجهان حكاهما الصيدلانى
(أحدهما)
يملكها تبعا للارض
(والثانى)
لا يملكها فعلى هذا لا يمنع مالك الارض من بناء فوق المسيل قال ابن الصباغ وان صالحه على أن يجرى الماء في ساقية في أرض للمصالح قال في الام فان هذا اجارة يفتقر إلى تقدير المدة.
قال أصحابنا انما يصح إذا كانت الساقية محفورة، فإذا لم تكن محفورة لم يجز لانه لا يمكن المستأجر من اجراء

الصفحة 404