كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 13)

الحائط لاستغنائه عنه وحاجة جاره.
وقال في الجديد: لا يجوز بغير إذن، وهو الصحيح: لقوله صلى الله عليه وسلم " لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِطِيبِ نفس منه " ولانه انتفاع بملك غيره من غير ضرورة فلا يجوز بغير اذنه كالحمل على بهيمته، والبناء في أرضه، وحديث أبى هريرة تحمله على الاستحباب.
وأما الماء فإنه غير مملوك في قول بعض أصحابنا.
والحائط مملوك، ولان الماء لا تنقطع
مادته، والحائط بخلافه.
فان كان الجذع ثقيلا يضر بالحائط لم يجز وضعه من غير اذنه قولا واحدا، لان الارتفاق بحق الغير لا يجوز مع الاضرار، ولهذا لا يجوز أن يخرج إلى الطريق جناحا يضر بالمارة.
وان كان لا حاجة به إليه لم يجبر عليه، لان الفضل انما يجب بذله عند الحاجة إليه، ولهذا يجب بذلك فضل الماء عند الحاجة إليه للكلا ولا يجب مع عدم الحاجة.
فان قلنا يجبر عليه فصالح منه على مال لم يجز، لان من وجب له حق لا يؤخذ منه عوضه، وان قلنا: لا يجبر عليه فصالح منه على مال جاز على ما بيناه في أجذاع الساباط.

(فصل)
وإذا وضع الخشب على حائط الجار أو الحائط المشترك، وقلنا انه يجبر في قوله القديم، أو صالح عنه على مال في قوله الجديد فرفعه جاز له أن يعيده، فان صالحه صاحب الحائط عن حقه بعوض ليسقط حقه من الوضع جاز لان ما جاز بيعه جاز ابتياعه كسائر الاموال.
(الشَّرْحُ) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رواه البخاري ومسلم وأحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه، وقد أخرجه أيضا ابن ماجه والبيهقي وأحمد والطبراني وعبد الرزاق من طريق ابن عباس بلفظ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا ضرر ولا ضرار، وللرجل أن يضع خشبة في حائط جاره، وإذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبعة أذرع " وأخرجه أحمد وابن ماجه أيضا من حديث عكرمة بن سلمة بن ربيعة " أن أخوين من بنى المغيرة أعتق أحدهما أن

الصفحة 406