كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 13)

لا يغرز خشبا في جداره، فلقيا مجمع بن يزيد الانصاري ورجالا كثيرا فقالوا: نشهد أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبا في
جداره، فقال الحالف: أي أخى قد علمت أنك مقضى لك على، وقد حلفت فاجعل اسطونا دون جدارى ففعل الآخر، فغرز في الاسطوان خشبة " وهو أيضا عند ابن ماجه والدارقطني والحاكم والبيهقي من حديث أبى سعيد، وعند البيهقى من طريق عبادة.
وعند الطبراني في الكبير وأبى نعيم من حديث ثعلبة بن مالك القرظى، وما جاء في بعض ألفاظه من جعل الطريق سبعة أذرع ثبت في الصحيحين من حديث أبى هريرة، وعكرمة بن سلمة بن ربيعة مجهول وقوله " لا يمنع " بالجزم على النهى.
وفى رواية لاحمد " لا يمنعن " وفى لفظ للبخاري بالرفع على الخبرية، وهى في معنى النهى.
وقوله " خشبة " قال القاضى عياض رويناه في مسلم وغيره من الاصول بصيغة الجمع والافراد، ثم قال: وقال عبد الغنى بن سعيد: كل الناس تقوله بالجمع الا الطحاوي، فانه قال عن روح بن الفرج.
سألت أبا زيد والحرث بن بكير ويونس بن عبد الاعلى عنه.
فقالوا كلهم خشبة بالتنوين، ورواية مجمع تشهد لمن رواه بلفظ الجمع.
ويؤيدها أيضا ما رواه البيهقى من طريق شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس بلفظ " إذا سأل أحدكم جاره أن يدعم جذوعه على حائطه فلا يمنعه ".
قال القرطبى وانما اعتنى هؤلاء الائمة بتحقيق الرواية في هذا الحرف، لان أمر الخشبة الواحدة يخف على الجار المسامحة به بخلاف الاخشاب الكثيرة أما الاحكام فان هذه الاحاديث تدل على أنه لا يحل للجار أن يمنع جاره من غرز الخشب في جداره، ويجبره الحاكم إذا امتنع وبهذا قال الشافعي في القديم وأحد قولى الجديد، وأحمد واسحاق وابن حبيب من المالكية وأهل الحديث وقال الشافعي في أحد قولى الجديد والحنفية ومالك والجمهور من الفقهاء انه يشترط اذن المالك، ولا يجبر صاحب الجدار إذا امتنع، وحملوا النهى على
التنزيه جمعا بينه وبين الادلة القاضية بأنه " لا يحل مال امرئ " مسلم الا بطيبة من نفسه "

الصفحة 407