كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 13)

فأما إذا أراد أن يبنى على الحائط أو يضع عليه خشبا يضر به ضررا بينا أو جدار آخر يمكنه أن يسقف عليه، لم يجبر الجار قولا واحدا، فإذا قلنا بقوله في الجديد فأعاره صاحب الحائط فوضع الخشب عليه لم يكن لصاحب الحائط أن يطالبه بقلعه، لان اذنه يقتضى البقاء على التأبيد، فان قلع المستعير خشبه أو سقطت فهل له أن يعيد مثلها؟ فيه وجهان.

(أحدهما)
له ذلك، لانه قد استحق دوام بقائها.

(والثانى)
ليس له بغير اذن مالك الحائط وهو الصحيح، لان السقف إذا سقط فلا ضرر على المعير في الرجوع.
وان أراد صاحب الحائط هدم حائطه، فإن لم يكن مستهدما لم يكن له ذلك، لان المستعير قد استحق تبقية خشبه عليه، وان كان مستهدما فله ذلك، وعلى صاحب الخشب نقله، فإذا أعاد صاحب الحائط حائطه - فان بناه بمادة أخرى - لم يكن لصاحب الخشب اعادة خشبه من غير اذنه، لان هذا الحائط غير الاول.
وقال الحنابلة: يجوز اعادة وضعه بغير اذنه.
وان بناه بمادته الاولى بعينها بأن كانت عضادته خشبا فأقامه أو حجرا فرصه، فهل له أن يعيد خشبه بغير اذن على الوجهين الاولين، فان صالحه بمال ليضع أجذاعه على جداره في قوله الجديد
أو قلنا يجبر الجار على تمكينه من وضعها على القديم فصالح مالك الجدار مالك الخشب ليضع عن جداره الخشب صح الصلح، لان ما صح بيعه صح ابتياعه كسائر الاموال، والله أعلم.
قال المصنف رحمه الله:
(فصل)
وان كان في ملكه شجرة فاستعلت وانتشرت أغصانها وحصلت في دار جاره جاز للجار مطالبته بازالة ما حصل في ملكه، فان لم يزله جاز للجار ازالته عن ملكه، كما لو دخل رجل إلى داره بغير اذنه، فان له أن يطالبه بالخروج، فان لم يخرج أخرجه، فان صالحه منه على مال فان كان يابسا لم يجز لانه عقد على الهواء، والهواء لا يفرد بالعقد، وان كان رطبا لم يجز لما ذكرناه ولانه صلح على مجهول، لانه يزيد في كل وقت.

الصفحة 409