كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 13)

فَمَا يَسِيرُهُ الْإِبِلُ سَيْرًا قَاصِدًا فِي عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْطَعُهُ الْبَرِيدُ فِي ثَلَاثَةٍ
فَحَيْثُ قَدَّرَ النبي بِالسَّبْعِينَ أَرَادَ بِهِ السَّيْرَ السَّرِيعَ سَيْرَ الْبَرِيدِ وحيث قدر بالخمس مائة أَرَادَ بِهِ الَّذِي يَعْرِفُونَهُ سَيْرَ الْإِبِلِ وَالرُّكَّابِ فَكُلُّ مِنْهُمَا يُصَدِّقُ الْآخَرَ وَيَشْهَدُ بِصِحَّتِهِ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اختلافا كثيرا انْتَهَى
وَقَدْ جَاءَتْ فِي صِفَةِ حَمَلَةِ الْعَرْشِ أَلْوَانٌ ذَكَرَهَا الْبَيْهَقِيُّ فَأَنَّى يَصِحُّ الْإِجْمَاعُ وَاللَّهُ أعلم
قال الحافظ بن الْقَيِّمِ فِي تَهْذِيبِ السُّنَنِ أَمَّا حَمْلُكُمْ فِيهِ على بن إسحاق فجوابه أن بن إِسْحَاقَ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ مِنَ الْعِلْمِ وَالْأَمَانَةِ
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ حَدِيثُهُ عِنْدِي صَحِيحٌ وَقَالَ شُعْبَةُ بْنُ إِسْحَاقَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ وَقَالَ أَيْضًا هُوَ صَدُوقٌ
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ أَيْضًا لَمْ أَجِدْ لَهُ سِوَى حَدِيثَيْنِ مُنْكَرَيْنِ وَهَذَا فِي غَايَةِ الثَّنَاءِ وَالْمَدْحِ إِذْ لَمْ يَجِدْ لَهُ عَلَى كَثْرَةِ مَا رَوَى إِلَّا حَدِيثَيْنِ مُنْكَرَيْنِ

ــــــــــــQمِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّة وَهِيَ عَلَى رِجْل طَائِر مَا لَمْ يُحَدِّث بِهَا فَإِذَا حَدَّثَ بِهَا وَقَعَتْ قَالَ وَأَحْسِبهُ قَالَ لَا تُحَدِّث بِهَا إِلَّا لَبِيبًا أَوْ حَبِيبًا قَالَ الترمذي هذا حديث حسن صحيح
قال بن الْقَطَّان فَيَلْزَمهُ تَصْحِيح الْحَدِيث الْأَوَّل أَوْ الِاقْتِصَار عَلَى تَحْسِين الثَّانِي يَعْنِي لِأَنَّ الْإِسْنَاد وَاحِد
قَالَ فَإِنْ قِيلَ لَعَلَّهُ حَسَّنَ الْأَوَّل لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَة حَمَّاد بْن سَلَمَة وَصَحَّحَ الثَّانِي لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَة شُعْبَة وَفَضْل مَا بَيْنهمَا فِي الْحِفْظ بَيِّن
قُلْنَا قَدْ صَحَّحَ مِنْ أَحَادِيث حَمَّاد بْن سَلَمَة مَا لَا يُحْصَى وَهُوَ مَوْضِع لَا نَظَر فِيهِ عِنْده وَلَا عِنْد أَحَد مِنْ أَهْل الْعِلْم فَإِنَّهُ إِمَام وَكَانَ عِنْد شُعْبَة مِنْ تَعْظِيمه وَإِجْلَاله مَا هُوَ مَعْلُوم
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَاكِم عَنْ الْأَصَمّ عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق الصَّنْعَانِيِّ حَدَّثَنَا يَزِيد بْن هَارُون أَخْبَرَنَا جَرِير بْن حَازِم عَنْ أَبِي يَزِيد الْمَدِينِيّ أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب مَرَّ فِي نَاس مِنْ أَصْحَابه فَلَقِيَتْهُ عَجُوز وَاسْتَوْقَفَتْهُ فَوَقَفَ عَلَيْهَا فَوَضَعَ يَده عَلَى مَنْكِبَيْهَا حَتَّى قَضَتْ حَاجَتهَا فَلَمَّا فَرَغَتْ قَالَ لَهُ رَجُل حَبَسْت رِجَالَات قُرَيْش عَلَى هَذِهِ الْعَجُوز
قَالَ وَيْحك تَدْرِي مَنْ هَذِهِ هَذِهِ عَجُوز سَمِعَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ شَكْوَاهَا مِنْ فَوْق سَبْع سَمَاوَات وَاَللَّه لَوْ اِسْتَوْقَفَتْنِي إِلَى اللَّيْل لَوَقَفْت عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ آتِي صَلَاة ثُمَّ أَعُود عَلَيْهَا
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّه الْحَافِظ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَلِيّ الْجَوْهَرِيّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن الْهَيْثَم حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن كَثِير الْمِصِّيصِيّ قَالَ سَمِعْت الْأَوْزَاعِيَّ يَقُول كُنَّا وَالتَّابِعُونَ مُتَوَافِرُونَ نَقُول إِنَّ اللَّه تَعَالَى فَوْق عَرْشه وَنُؤْمِن بِمَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّة مِنْ صِفَاته
وَقَالَ الْبُخَارِيّ فِي الصَّحِيح قَالَ أَبُو الْعَالِيَة اِسْتَوَى إِلَى السَّمَاء اِرْتَفَعَ فَسَوَّى خَلْقهنَّ
وَقَالَ مُجَاهِد اِسْتَوَى عَلَا
وَقَالَ أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد الطَّبَرِيُّ مِنْ كِبَار أَصْحَاب أَبِي الْحَسَن الْأَشْعَرِيّ وَاَللَّه فِي السَّمَاء فَوْق كُلّ شَيْء مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشه بِمَعْنَى أَنَّهُ عَالٍ عَلَيْهِ وَمَعْنَى الِاسْتِوَاء الِاعْتِلَاء كَمَا تَقُول

الصفحة 17