كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 13)
تعالى وما ينطق عن الهوى (لَا تُنْزَعُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ لَا تُسْلَبُ الشَّفَقَةُ عَلَى خَلْقِ اللَّهِ وَمِنْهُمْ نَفْسُهُ الَّتِي هِيَ أَوْلَى بِالشَّفَقَةِ وَالْمَرْحَمَةِ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِهَا بَلْ فَائِدَةُ شَفَقَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ رَاجِعَةٌ إِلَيْهَا لقوله تعالى إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم (إِلَّا مِنْ شَقِيٍّ) أَيْ كَافِرٍ أَوْ فَاجِرٍ يَتْعَبُ فِي الدُّنْيَا وَيُعَاقَبُ فِي الْعُقْبَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ وَأَبُو عُثْمَانَ لَا نَعْرِفُ اسْمَهُ وَقَالَ هُوَ وَالِدُ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ أَبُو الزناد انتهى
وقال المزي وبن حَجَرٍ أَبُو عُثْمَانَ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ هُوَ سَعِيدٌ التَّبَّانُ انْتَهَى
[4943] (وَيَعْرِفْ) بِالْجَزْمِ (حَقَّ كَبِيرِنَا) أَيْ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ التَّعْظِيمِ وَالتَّبْجِيلِ (فَلَيْسَ مِنَّا) أَيْ مِنْ أَهْلِ سُنَّتِنَا وَقِيلَ أَيْ مِنْ خَوَاصِّنَا وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ التَّبْرِئَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الدِّمَشْقِيُّ أَظُنُّهُ عُبَيْدَ بْنَ عَامِرٍ أَخَا عُرْوَةَ بْنِ عَامِرٍ
7 - (بَاب فِي النَّصِيحَةِ [4944])
(إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ الْحَدِيثَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ النَّصِيحَةُ كَلِمَةٌ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ جُمْلَةٍ هِيَ إِرَادَةُ الْخَيْرِ لِلْمَنْصُوحِ لَهُ وَلَيْسَ يُمْكِنُ أَنْ يُعَبَّرَ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يَحْصُرُهَا وَيَجْمَعُ مَعْنَاهَا غَيْرِهَا
وَأَصْلُ النَّصِيحَةِ فِي اللُّغَةِ الْخُلُوصُ يُقَالُ نَصَحْتُ الْعَسَلَ إِذَا أَخْلَصْتُهُ مِنَ الشَّمْعِ فَمَعْنَى نَصِيحَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الِاعْتِقَادُ فِي وَحْدَانِيَّتِهِ وإخلاص النية في عبادته والنصيحة لكتابه الْإِيمَانُ بِهِ وَالْعَمَلُ بِمَا فِيهِ وَالنَّصِيحَةُ لِرَسُولِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ التَّصْدِيقُ بِنُبُوَّتِهِ وَبَذْلُ الطَّاعَةِ لَهُ فِيمَا أَمَرَ بِهِ وَنَهَى عَنْهُ وَالنَّصِيحَةُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُطِيعَهُمْ فِي الْحَقِّ وَأَنْ لَا يُرَى الْخُرُوجُ عَلَيْهِمْ بِالسَّيْفِ إِذَا جَارُوا وَالنَّصِيحَةُ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ إِرْشَادُهُمْ إِلَى مَصَالِحِهِمْ وَإِرَادَةُ الْخَيْرِ لَهُمْ (أَوْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي
الصفحة 196