كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 13)

مِنَ الشَّيْطَانِ بِأَنْ يَرَى مَا يُحْزِنُهُ (وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ بِهِ الْمَرْءُ نَفْسَهُ) قَالَ الْعَزِيزِيُّ وَهُوَ مَا كَانَ فِي الْيَقِظَةِ يَكُونُ فِي مُهِمٍّ فَيَرَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي النَّوْمِ (فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ) أَيْ فِي الْمَنَامِ (فَلْيُصَلِّ) أَيْ إِذَا كَانَ نَشِيطًا وَإِلَّا فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلَاثًا وَيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ كَمَا سَيَأْتِي عَلَى أَنَّهُ يمكن الجمع وهو الأولى قاله القارىء (قَالَ وَأُحِبُّ الْقَيْدَ وَأَكْرَهُ الْغُلَّ) بِالضَّمِّ أَيِ الطَّوْقَ بِأَنْ يَرَى نَفْسَهُ مَغْلُولًا فِي النَّوْمِ لِأَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى تَحَمُّلِ دَيْنٍ أَوْ مَظَالِمٍ أَوْ كَوْنِهِ مَحْكُومًا عَلَيْهِ (وَالْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ) أَيْ ثَبَاتُ قَدَمٍ وَرُسُوخُ تَمْكِينٍ وَضَمِيرُ قَالَ رَاجِعٌ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا يَظْهَرُ لَكَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ هَكَذَا جَاءَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَغَيْرِهَا ظَاهِرُهُ أَنَّ الْجَمِيعَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَيْدَ وَالْغُلَّ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ أُدْرِجَ فِي الْحَدِيثِ جَاءَ مُبَيَّنًا فِي الرِّوَايَاتِ الثَّابِتَةِ وَرَوَاهُ عَوْفُ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ فَذَكَرَ أَنَّ أَوَّلَ الْمَتْنِ إِلَى قَوْلِهِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا مَا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ مِنْ كَلَامِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ وَحَدِيثُ عَوْفٍ أَبْيَنُ انْتَهَى
قُلْتُ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أَيُّوبَ وَفِيهِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَيُعْجِبُنِي الْقَيْدُ وَأَكْرَهُ الْغُلَّ وَالْقَيْدُ ثَبَاتٌ
وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَفِيهِ وَأُدْرِجَ فِي الْحَدِيثِ قَوْلُهُ وَأَكْرَهُ الْغُلَّ إِلَى تَمَامِ الْكَلَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (يَعْنِي إِذَا اقْتَرَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ يَعْنِي يَسْتَوِيَانِ) وَالْمُعَبِّرُونَ يَزْعُمُونَ أَنَّ أَصْدَقَ الرُّؤْيَا مَا كَانَ فِي أَيَّامِ الرَّبِيعِ وَوَقْتَ اعْتِدَالِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَقَدْ قِيلَ هُوَ قُرْبُ السَّاعَةِ وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ وَقَدْ قِيلَ لَا تَكَادُ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ تَكْذِبُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ اقْتِرَابُ الْمَوْتِ عِنْدَ عُلُوِّ السِّنِّ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ غَالِبًا يَمِيلُ إِلَى الْخَيْرِ وَالْعَمَلِ بِهِ وَيَقِلُّ تَحْدِيثُهُ نَفْسَهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ

[5020] (وَكِيعِ بْنِ عُدُسٍ) بمهملات وضم أوله وثانيه وقد يفتح ثانيه (الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا مثل معناه لا تستقر قرارها مالم تُعَبَّرْ انْتَهَى فَالْمَعْنَى أَنَّهَا كَالشَّيْءِ الْمُعَلَّقِ بِرِجْلِ الطَّائِرِ لَا اسْتِقْرَارَ لَهَا (مَا لَمْ تُعَبَّرْ) قال القارىء بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَبِتَخْفِيفِ الْبَاءِ فِي أَكْثَرِ

الصفحة 247