كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 13)

[5028] (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ مِنَ الْعَطْسَةِ (وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ) قَالَ الْقَاضِيُ التَّثَاؤُبُ بِالْهَمْزِ التَّنَفُّسُ الَّذِي يُفْتَحُ عَنْهُ الْفَمُ وَهُوَ إِنَّمَا يَنْشَأُ مِنَ الِامْتِلَاءِ وَثِقَلِ النَّفْسِ وَكُدُورَةِ الْحَوَاسِّ وبورث الْغَفْلَةَ وَالْكَسَلَ وَسُوءَ الْفَهْمِ وَلِذَا كَرِهَهُ اللَّهُ وَأَحَبَّهُ الشَّيْطَانُ
وَالْعُطَاسُ لَمَّا كَانَ سَبَبًا لِخِفَّةِ الدِّمَاغِ وَاسْتِفْرَاغِ الْفَضَلَاتِ عَنْهُ وَصَفَاءِ الرُّوحِ وَتَقْوِيَةِ الْحَوَاسِّ كَانَ أَمْرُهُ بِالْعَكْسِ (وَلَا يَقُلْ هَاهْ هَاهْ) بِسُكُونِ الْهَاءِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ حِكَايَةُ صَوْتِ الْمُتَأَثِّبِ (فَإِنَّمَا ذَلِكُمْ) أَيِ التَّثَاؤُبُ (مِنَ الشَّيْطَانِ) قال بن بَطَّالٍ إِضَافَةُ التَّثَاؤُبِ إِلَى الشَّيْطَانِ بِمَعْنَى إِضَافَةِ الرِّضَا وَالْإِرَادَةِ أَيْ أَنَّ الشَّيْطَانَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى الْإِنْسَانَ مُتَثَائِبًا لِأَنَّهَا حَالَةٌ تَتَغَيَّرُ فِيهَا صُورَتَهُ فَيَضْحَكُ مِنْهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الشَّيْطَانَ فعل التثاؤب
وقال بن الْعَرَبِيِّ إِنَّ كُلَّ فِعْلٍ مَكْرُوهٍ نَسَبَهُ الشَّرْعُ إِلَى الشَّيْطَانِ لِأَنَّهُ وَاسِطَتُهُ وَأَنَّ كُلَّ فِعْلٍ حَسَنٍ نَسَبَهُ الشَّرْعُ إِلَى الْمَلَكِ لِأَنَّهُ وَاسِطَتَهُ وَالتَّثَاؤُبُ مِنِ امْتِلَاءٍ
وَيَنْشَأُ عَنْهُ التَّكَاسُلُ وَذَلِكَ بِوَاسِطَةِ الشَّيْطَانِ وَالْعُطَاسُ مِنْ تَقْلِيلِ الْغِذَاءِ يَنْشَأُ عَنْهُ النَّشَاطُ وَذَلِكَ بِوَاسِطَةِ الْمَلَكِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ

9 - (بَاب فِي الْعُطَاسِ [5029] بِضَمِّ الْعَيْنِ)
(عَنْ سُمَيٍّ) بِالتَّصْغِيرِ (إِذَا عَطَسَ) بِفَتْحِ الطَّاءِ وَجَوَّزَ كَسْرَهُ (عَلَى فِيهِ) أَيْ عَلَى فَمِهِ (خَفَضَ أَوْ غَضَّ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَهُمَا بِمَعْنًى (بِهَا) أَيْ بِالْعَطْسَةِ أَوْ بِالتَّغْطِيَةِ (صَوْتَهُ) وَالْمَعْنَى لَمْ يَرْفَعْهُ بِصَيْحَةٍ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِصَوْتِهِ (شَكَّ يَحْيَى) هو القطان

ــــــــــــQقال الشيخ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيّ عَنْ نَافِع أَنَّ رجلا عطس إلى جنب بن عُمَر فَقَالَ الْحَمْد لِلَّهِ وَالسَّلَام

الصفحة 252