كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 13)

وَقَدْ أَطَالَ الْكَلَامَ فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ وَالْحَافِظُ فَتْحُ الدِّينِ بْنُ سَيِّدِ النَّاسِ الْيَعْمُرِيُّ فِي عُيُونِ الْأَثَرِ فِي الْمَغَازِي وَالسِّيَرِ فَعَلَيْكَ بِمُرَاجَعَتِهِمَا

[4727] (أُذِنَ لِي) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَالْآذِنُ لَهُ هُوَ اللَّهُ (أَنْ أُحَدِّثَ) أَصْحَابِي أَوِ النَّاسَ (عَنْ مَلَكٍ) أَيْ عَنْ شَأْنِهِ أَوْ عَنْ عِظَمِ خَلْقِهِ (إِلَى عَاتِقِهِ) هُوَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ إلى أصل العنق (مسيرة سبع مائة عَامٍ) أَيْ بِالْفَرَسِ الْجَوَادِ كَمَا فِي خَبَرٍ آخَرَ فَمَا ظَنُّكَ بِطُولِهِ وَعِظَمِ جُثَّتِهِ وَالْمُرَادُ بِالسَّبْعِينَ التَّكْثِيرُ لَا التَّحْدِيدُ
وَالْحَدِيثُ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ فِي التَّيْسِيرِ

ــــــــــــQوَقَالَ {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاء أَنْ يَخْسِف بِكُمْ الْأَرْض فَإِذَا هِيَ تَمُور أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاء أَنْ يُرْسِل عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} وَقَالَ {تَعْرُج الْمَلَائِكَة وَالرُّوح إِلَيْهِ} وَقَالَ {بَلْ رَفَعَهُ اللَّه إِلَيْهِ} وَقَالَ {إِلَيْهِ يَصْعَد الْكَلِم الطَّيِّب} وَقَالَ حِكَايَة عَنْ فِرْعَوْن إِنَّهُ قَالَ {يَا هَامَان اِبْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغ الْأَسْبَاب أَسْبَاب السَّمَاوَات فَأَطَّلِع إِلَى إِلَه مُوسَى} فَوَقَعَ قَصْد الْكَافِر إِلَى الْجِهَة الَّتِي أَخْبَرَهُ مُوسَى عَنْهَا وَلِذَلِكَ لَمْ يَطْلُبهُ فِي طُول الْأَرْض وَلَا عَرْضهَا وَلَمْ يَنْزِل إِلَى طَبَقَات الْأَرْض السُّفْلَى
فَدَلَّ مَا تَلَوْنَاهُ مِنْ هَذِهِ الْآي عَلَى أَنَّ اللَّه سُبْحَانه فِي السَّمَاء مُسْتَوٍ عَلَى الْعَرْش وَلَوْ كَانَ بِكُلِّ مَكَان لَمْ يَكُنْ لِهَذَا التَّخْصِيص مَعْنًى وَلَا فِيهِ فَائِدَة وَقَدْ جَرَتْ عَادَة الْمُسْلِمِينَ خَاصَّتهمْ وَعَامَّتهمْ بِأَنْ يَدْعُوا رَبّهمْ عِنْد الِابْتِهَال وَالرَّغْبَة إِلَيْهِ وَيَرْفَعُوا أَيْدِيهمْ إِلَى السَّمَاء وَذَلِكَ لِاسْتِفَاضَةِ الْعِلْم عِنْدهمْ بِأَنَّ رَبّهمْ الْمَدْعُوّ فِي السَّمَاء سُبْحَانه
ثُمَّ ذَكَرَ قَوْل مَنْ فَسَّرَ الِاسْتِوَاء بِالِاسْتِيلَاءِ وَبَيَّنَ فَسَاده
وَقَالَ أَبُو الْحَسَن الْأَشْعَرِيّ فِي كِتَاب مَقَالَات الْمُصَلِّينَ لَهُ فِي بَاب تَرْجَمَته
بَاب اِخْتِلَافهمْ فِي الْبَارِي هَلْ هُوَ مَكَان دُون مَكَان
أَمْ لَيْسَ فِي مَكَان أَمْ فِي كُلّ مَكَان وَهَلْ حَمَلَة الْعَرْش ثَمَانِيَة أملام أَمْ ثَمَانِيَة أَصْنَاف مِنْ الْمَلَائِكَة
اِخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ عَلَى سَبْع عَشْرَة مَقَالَة
ثُمَّ قَالَ وَقَالَ أَهْل السُّنَّة وَالْحَدِيث لَيْسَ بِجِسْمٍ وَلَا يُشْبِه الْأَشْيَاء وَإِنَّهُ عَلَى الْعَرْش كَمَا قَالَ {الرَّحْمَن عَلَى الْعَرْش اِسْتَوَى}
فَلَا نَتَقَدَّم بَيْن يدي الله في القول بلا نَقُول اِسْتَوَى بِلَا كَيْف
وَإِنَّ لَهُ وَجْهًا كَمَا قَالَ {وَيَبْقَى وَجْه رَبّك}
وَإِنَّ لَهُ يَدَيْنِ كَمَا قَالَ {خَلَقْت بِيَدَيَّ}

الصفحة 26