كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 13)

بَصِيرًا مَعْنَاهُ إِثْبَاتُ صِفَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ لَا إِثْبَاتُ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ لِأَنَّهُمَا جَارِحَتَانِ والله سبحانه موصوف بصفاته منفيا عَنْهُ مَا لَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ صِفَاتِ الْآدَمِيِّينَ وَنُعُوتِهِمْ لَيْسَ بِذِي جَوَارِحَ وَلَا بِذِي أَجْزَاءٍ وَأَبْعَاضٍ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البصير انْتَهَى
وَرَدَّ عَلَيْهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فَقَالَ قَوْلُهُ لَا إِثْبَاتُ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ إِلَخْ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ التَّحْقِيقِ وَأَهْلُ التَّحْقِيقِ يَصِفُونَ اللَّهَ تَعَالَى بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَوَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ وَلَا يَبْتَدِعُونَ لِلَّهِ وَصْفًا لَمْ يَرِدْ بِهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى ولتصنع على عيني وقال تجري بأعيننا
وَقَوْلُهُ لَيْسَ بِذِي جَوَارِحَ وَلَا بِذِي أَجْزَاءٍ وَأَبْعَاضٍ كَلَامٌ مُبْتَدَعٌ مُخْتَرَعٌ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ لَا نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا بَلْ يَصِفُونَ اللَّهَ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَيَسْكُتُونَ عَمَّا سَكَتَ عَنْهُ وَلَا يُكَيِّفُونَ وَلَا يُمَثِّلُونَ وَلَا يُشَبِّهُونَ اللَّهَ بِخَلْقِهِ فَمَنْ شَبَّهَ اللَّهَ بِخَلْقِهِ فَقَدْ كَفَرَ وَلَيْسَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ وَوَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ تَشْبِيهًا
وَإِثْبَاتُ صِفَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ لِلَّهِ حَقٌّ كَمَا قَرَّرَهُ الشَّيْخُ انْتَهَى كَلَامُهُ
قُلْتُ مَا قَالَهُ هُوَ الْحَقُّ وَمَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ فَهُوَ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ التَّحْقِيقِ
وَعَلَيْكَ أَنْ تُطَالِعَ كِتَابَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ لِلْبَيْهَقِيِّ وَإِعْلَامَ الْمُوَقِّعِينَ وَاجْتِمَاعَ الْجُيُوشِ وَالْكَافِيَةَ الشَّافِيَةَ وَالصَّوَاعِقَ الْمُرْسَلَةَ وَتَهْذِيبَ السُّنَنِ كُلَّهَا لِابْنِ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكِتَابَ الْعُلُوِّ لِلذَّهَبِيِّ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ وَالْحَدِيثُ سكت عنه المنذري

ــــــــــــQجُمْلَة مَا عَلَيْهِ أَصْحَاب الْحَدِيث وَأَهْل السُّنَّة
الْإِقْرَار بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَته وَكُتُبه وَرُسُله وَمَا جَاءَ مِنْ عِنْد اللَّه وَمَا رَوَاهُ الثِّقَات عَنْ رسول الله لَا يَرُدُّونَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا
وَأَنَّهُ تَعَالَى إِلَه وَاحِد أَحَد فَرْد صَمَد لَا إِلَه غَيْره لَمْ يَتَّخِذ صَاحِبَة وَلَا وَلَدًا
وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْده وَرَسُوله
وَأَنَّ الْجَنَّة حَقّ وَالنَّار حَقّ وَأَنَّ السَّاعَة آتِيَة لَا رَيْب فِيهَا وَأَنَّ اللَّه يَبْعَث مَنْ فِي الْقُبُور
وَأَنَّ اللَّه تَعَالَى عَلَى عَرْشه كَمَا قَالَ {الرَّحْمَن عَلَى الْعَرْش اِسْتَوَى}
وَأَنَّ لَهُ يَدَيْنِ بِلَا كَيْف كَمَا قَالَ {خَلَقْت بِيَدَيَّ} {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}
وَأَنَّ لَهُ عَيْنَيْنِ بِلَا كَيْف كَمَا قَالَ {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا}
وَأَنَّ لَهُ وَجْهًا كَمَا قَالَ {وَيَبْقَى وَجْه رَبّك ذُو الْجَلَال وَالْإِكْرَام}
ثُمَّ ذَكَرَ مَذْهَب عَبْد اللَّه بْن سَعِيد بْن كِلَاب فَقَالَ وَكَانَ يَقُول إِنَّ الْقُرْآن كَلَام اللَّه وَسَاقَهُ إِلَى أَنْ قَالَ وَإِنَّهُ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشه كَمَا قَالَ وَإِنَّهُ تَعَالَى فَوْق كُلّ شَيْء هَذَا كُلّه لَفْظه فِي الْمَقَالَات
وَقَالَ أَبُو الْحَسَن الْأَشْعَرِيّ رَحِمَهُ اللَّه أَيْضًا فِي كِتَاب الْمُوجَز وَإِنْ قَالُوا أَفَتَزْعُمُونَ أَنَّ اللَّه فِي السَّمَاء قِيلَ لَهُ قَدْ نَقُول إِنَّ اللَّه عَالٍ فَوْق الْعَرْش مُسْتَوٍ عَلَيْهِ وَالْعَرْش فَوْق السَّمَاء وَلَا نَصِفهُ بِالدُّخُولِ فِي الْأَمْكِنَة وَلَا الْمُبَايَنَة لَهَا
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَه وَفِي الْأَرْض إِلَه} فَإِنَّ مَعْنَاهُ

الصفحة 28