كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 13)

العرش استوى قَالَ بِلَا كَيْفٍ
وَالْآثَارُ فِيهِ عَنِ السَّلَفِ كَثِيرَةٌ
وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي الْجَامِعِ عَقِبَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي النُّزُولِ وَهُوَ عَلَى الْعَرْشِ كَمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهَ فِي كِتَابِهِ كَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا يُشْبِهُهُ مِنَ الصِّفَاتِ
وَقَالَ فِي بَابِ فَضْلِ الصَّدَقَةِ قَدْ ثَبَتَتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ فَنُؤْمِنُ بِهَا وَلَا نَتَوَهَّمُ وَلَا يُقَالُ كَيْفَ كذا جاء عن مالك وبن عيينة وبن الْمُبَارَكِ أَنَّهُمْ أَمَرُّوهَا بِلَا كَيْفٍ وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ
وَأَمَّا الْجَهْمِيَّةُ فَأَنْكَرُوهَا وَقَالُوا هَذَا تَشْبِيهٌ
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ إِنَّمَا يَكُونُ التَّشْبِيهُ لَوْ قِيلَ يَدٌ كَيَدٍ وَسَمْعٌ كَسَمْعٍ
وَقَالَ فِي تَفْسِيرِ الْمَائِدَةِ قَالَ الْأَئِمَّةُ نُؤْمِنُ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ مِنْ غير تفسير منهم الثوري ومالك وبن عيينة وبن المبارك
وقال بن عَبْدِ الْبَرِّ أَهْلُ السُّنَّةِ مُجْمِعُونَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْوَارِدَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَمْ يُكَيِّفُوا شَيْئًا مِنْهَا وَأَمَّا الْجَهْمِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَالْخَوَارِجُ فقالوا من أقربها فَهُوَ مُشَبِّهٌ
وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ اخْتَلَفَتْ مَسَالِكُ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الظَّوَاهِرِ فَرَأَى بَعْضُهُمْ تَأْوِيلَهَا وَالْتَزَمَ ذَلِكَ فِي آيِ الْكِتَابِ وَمَا يَصِحُّ من السنن وذهب أئمة السلف إلا الِانْكِفَافِ عَنِ التَّأْوِيلِ وَإِجْرَاءِ الظَّوَاهِرِ عَلَى مَوَارِدِهَا وتعويض مَعَانِيهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالَّذِي نَرْتَضِيهِ رَأْيًا وَنُدِينُ اللَّهَ بِهِ عَقِيدَةً اتِّبَاعُ سَلَفِ الْأُمَّةِ لِلدَّلِيلِ الْقَاطِعِ عَلَى أَنَّ إِجْمَاعَ الْأُمَّةِ حُجَّةٌ فَلَوْ كَانَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الظَّوَاهِرِ حَتْمًا

ــــــــــــQوَفِي تَارِيخ الْبُخَارِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن فُضَيْلٍ عَنْ فُضَيْلِ بْن غَزْوَانَ عَنْ نَافِع عَنْ بن عمر قال لما قبض رسول الله دَخَلَ أَبُو بَكْر فَأَكَبَّ عَلَيْهِ وَقَبَّلَ جَبْهَته وَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي طِبْت حَيًّا وَمَيِّتًا وَقَالَ مَنْ كَانَ يَعْبُد مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ وَمَنْ كَانَ يَعْبُد اللَّه فَإِنَّ اللَّه فِي السَّمَاء حَيّ لَا يَمُوت وَفِي مغازي الأموي عن البكائي عن بن إِسْحَاق حَدَّثَنِي يَزِيد بْن سِنَان عَنْ سَعِيد بْن الْأَجْرَد عَنْ الْعُرْس بْن قَيْس الْكِنْدِيّ عَنْ عَدِيّ بْن عُمَيْرَةَ قَالَ خَرَجْت مُهَاجِرًا إلى النبي فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا وَفِيهِ فَإِذَا هُوَ وَمَنْ مَعَهُ يَسْجُدُونَ عَلَى وُجُوههمْ وَيَزْعُمُونَ أَنَّ إِلَههمْ فِي السَّمَاء فَأَسْلَمْت وَتَبِعْته
وَفِي مُسْنَد أَحْمَد عَنْ يَزِيد بْن هَارُون حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيّ عَنْ عَوْن بْن عَبْد اللَّه عَنْ أَخِيهِ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عُتْبَة عَنْ أبي هريرة أن رجلا أتى النبي بِجَارِيَةٍ سَوْدَاء أَعْجَمِيَّة
فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَة مُؤْمِنَة
فَقَالَ لَهَا رَسُول الله أَيْنَ اللَّه فَأَشَارَتْ بِأُصْبُعِهَا إِلَى السَّمَاء
فَقَالَ لَهَا مَنْ أَنَا فَأَشَارَتْ بِأُصْبُعِهَا إِلَى رَسُول الله وإلى السماء
تعني أنت رسول الله
فقال أعتقها

الصفحة 31