كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 13)

لَأَوْشَكَ أَنْ يَكُونَ اهْتِمَامُهُمْ بِهِ فَوْقَ اهْتِمَامِهِمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَإِذَا انْصَرَمَ عَصْرُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَلَى الْإِضْرَابِ عَنِ التَّأْوِيلِ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْوَجْهُ الْمُتَّبَعُ انْتَهَى
وَقَدْ تَقَدَّمَ النَّقْلُ عَنْ أَهْلِ الْعَصْرِ الثَّالِثِ وَهُمْ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ كَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَمَنْ عَاصَرَهُمْ وَكَذَا مَنْ أَخَذَ عَنْهُمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ فَكَيْفَ لَا يُوثَقُ بِمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ وَهُمْ خَيْرُ الْقُرُونِ بِشَهَادَةِ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ انْتَهَى كَلَامُ الحافظ رحمه الله

ــــــــــــQوَهَذِهِ غَيْر قِصَّة مُعَاوِيَة بْن الْحَكَم الَّتِي فِي صَحِيح مُسْلِم
فَقَدْ شَهِدَ رَسُول اللَّه بِالْإِيمَانِ لِمَنْ شَهِدَ أَنَّ اللَّه فِي السَّمَاء وَشَهِدَ عَلَيْهِ الْجَهْمِيَّةُ بِالْكُفْرِ
وَقَالَ أَحْمَد فِي مسنده حدثنا حسين بن محمد حدثنا بن أَبِي ذِئْب عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو بْنِ عَطَاء عَنْ سَعِيد بْن يَسَار عَنْ أَبِي هريرة رضي الله عنه عن النبي قَالَ إِنَّ الْمَيِّت تَحْضُرهُ الْمَلَائِكَة فَإِذَا كَانَ الرَّجُل الصَّالِح قَالُوا اُخْرُجِي أَيَّتهَا النَّفْس الْمُطْمَئِنَّة اُخْرُجِي حَمِيدَة وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَان وَرَبّ غَيْر غَضْبَان
فَلَا يَزَال يُقَال لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُج ثُمَّ يُعْرَج بِهَا إِلَى السَّمَاء فَيُسْتَفْتَح لَهَا فَيُقَال مَنْ هَذَا فَيُقَال فُلَان بِأَحَبّ أَسْمَائِهِ
فَيَقُولُونَ مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَة
كَانَتْ فِي الْجَسَد الطَّيِّب اُدْخُلِي حَمِيدَة وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَان وَرَبّ غَيْر غَضْبَان فَلَا يَزَال يُقَال لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى السَّمَاء الَّتِي فِيهَا اللَّه وَذَكَرَ الْحَدِيث وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أبي هريرة قال قال رسول الله وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مَنْ رَجُل يَدْعُو اِمْرَأَته إِلَى فِرَاشه فَتَأْبَى عَلَيْهِ إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاء سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا
وَفِي مُسْنَد الْحَارِث بْن أَبِي أُسَامَة مِنْ حَدِيث عَبْد الرَّحْمَن بْن نُسَيّ عَنْ عُبَادَةَ بْن تَمِيم عَنْ مُعَاذ بْن جَبَل يَرْفَعهُ إِنَّ اللَّه لَيَكْرَه فِي السَّمَاء أَنْ يُخَطَّأ أَبُو بَكْر فِي الْأَرْض
وَلَا تَعَارُض بين هذا وبين تخطئة النبي لَهُ فِي بَعْض تَعْبِيره الرُّؤْيَا لِوَجْهَيْنِ أَحَدهمَا أَنَّ اللَّه يَكْرَه تَخْطِئَة غَيْره مِنْ آحَاد الْأُمَّة لَهُ لَا تَخْطِئَة الرَّسُول لَهُ فِي أَمْر مَا
فَإِنَّ الصَّوَاب وَالْحَقّ مَعَ الرَّسُول قَطْعًا بِخِلَافِ غَيْره مِنْ الْأُمَّة
فَإِنَّهُ إِذَا خَطَّأَ الصِّدِّيق لَمْ يَتَحَقَّق أَنَّ الصَّوَاب مَعَهُ بَلْ مَا تَنَازَعَ الصِّدِّيق وَغَيْره فِي أَمْر إِلَّا كَانَ الصَّوَاب مَعَ الصِّدِّيق
الثَّانِي أَنَّ التَّخْطِئَة هُنَا مَرَّة مَنْسُوبَة إِلَى الْخَطَأ الَّذِي هُوَ الْإِثْم دُون الْخَطَأ الَّذِي هُوَ ضِدّ التَّعَمُّد وَاَللَّه أَعْلَم
وَرَوَى شُعْبَة عَنْ الْحَكَم عن مجاهد عن بن عَبَّاس يَرْفَعهُ إِنَّ الْعَبْد لَيُشْرِف عَلَى حَاجَة مِنْ حَاجَات الدُّنْيَا فَيَذْكُرهُ اللَّه مِنْ فَوْق سَبْع سَمَاوَات فَيَقُول مَلَائِكَتِي إِنَّ عَبْدِي هَذَا قَدْ أَشْرَفَ عَلَى حَاجَة مِنْ حَاجَات الدُّنْيَا فَإِنْ فَتَحْتهَا لَهُ فَتَحْت لَهُ بَابًا مِنْ أَبْوَاب النَّار وَلَكِنْ اِزْوُوهَا عَنْهُ فَيُصْبِح الْعَبْد عَاضًّا عَلَى أَنَامِله يَقُول مَنْ دَهَانِي مَنْ سَبَّنِي وَمَا هِيَ إِلَّا رَحْمَة رَحِمَهُ اللَّه بِهَا ذَكَرَهُ أَبُو نُعَيْم

الصفحة 32