كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 13)

9 - (بَاب فِي الرُّؤْيَةِ [4729])
أَيْ فِي رُؤْيَةِ اللَّهِ تعالى في دار الآخرة للمسلمين
قال بن بَطَّالٍ ذَهَبَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَجُمْهُورُ الْأُمَّةِ إِلَى جَوَازِ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْآخِرَةِ وَمَنَعَ الْخَوَارِجُ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَبَعْضُ الْمُرْجِئَةُ
وَتَمَسَّكُوا بِأَنَّ الرُّؤْيَةَ تُوجِبُ كَوْنَ الْمَرْئِيِّ مُحْدَثًا وَحَالًّا فِي مَكَانٍ وَأَوَّلُوا قَوْلَهُ تَعَالَى نَاظِرَةٌ بِمُنْتَظِرَةٍ وَهُوَ خَطَأٌ
وَمَا تَمَسَّكُوا بِهِ فَاسِدٌ لِقِيَامِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَوْجُودٌ وَالرُّؤْيَةُ فِي تَعَلُّقِهَا بِالْمَرْئِيِّ بِمَنْزِلَةِ الْعِلْمِ فِي تَعَلُّقِهِ بِالْمَعْلُومِ فَإِذَا كَانَ تَعَلُّقُ الْعِلْمِ بِالْمَعْلُومِ لَا يُوجِبُ حُدُوثَهُ فكذلك المرئي

ــــــــــــQأَهْل الْحَدِيث فِي صِحَّته وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ اللَّه فِي السَّمَاء عَلَى الْعَرْش مِنْ فَوْق سَبْع سَمَاوَات
كَمَا قَالَ الْجَمَاعَة
وَهُوَ مِنْ حُجَّتهمْ عَلَى الْمُعْتَزِلَة فِي قَوْلهمْ إِنَّ اللَّه بِكُلِّ مَكَان
ثُمَّ ذَكَرَ الِاحْتِجَاج لِقَوْلِ الْجَمَاعَة وَأَطَالَ
وَفِي كِتَاب السُّنَّة لِعَبْدِ الرَّحْمَن بْن أَبِي حَاتِم عَنْ سَعِيد بْن عَامِر الضُّبَعِيِّ إِمَام أَهْل الْبَصْرَة عِلْمًا وَدِينًا مِنْ شُيُوخ الْإِمَام أَحْمَد أَنَّهُ ذَكَرَ عِنْده الْجَهْمِيَّةَ فَقَالَ هُمْ شَرّ قَوْلًا مِنْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى قَدْ أَجْمَعَ الْيَهُود وَالنَّصَارَى مَعَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ اللَّه عَلَى الْعَرْش
وَقَالُوا هُمْ لَيْسَ عَلَى الْعَرْش شَيْء
وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حَاتِم أَيْضًا فِي كِتَاب الرَّدّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ أَصْحَاب جَهْم يَعْتَقِدُونَ أَنَّ اللَّه لَمْ يُكَلِّم مُوسَى وَيُرِيدُونَ أَنْ يَقُولُوا لَيْسَ فِي السَّمَاء شَيْء وَأَنَّ اللَّه لَيْسَ عَلَى الْعَرْش
أَرَى أَنْ يُسْتَتَابُوا
فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا
وَحُكِيَ عَنْ عَاصِم بْن عَلِيّ شَيْخ الْإِمَام أَحْمَد وَالْبُخَارِيّ قَالَ نَاظَرْت جَهْمِيًا فَتَبَيَّنَ مِنْ كَلَامه أَنَّهُ لَا يُؤْمِن أَنَّ فِي السَّمَاء رَبًّا

ذَكَرَ الشَّيْخ بن الْقَيِّم رَحِمَهُ اللَّه الْأَحَادِيث فِي الرُّؤْيَة إِلَى حَدِيث وَضْع الْأُصْبُع ثُمَّ قَالَ قَدْ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّة آنِيَتهمَا وَمَا فِيهِمَا وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَب آنِيَتهمَا وَمَا فِيهِمَا وَمَا بَيْن الْقَوْم وَبَيْن أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبّهمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَّا رِدَاء الْكِبْرِيَاء عَلَى وَجْهه فِي جَنَّة عدن

الصفحة 37