كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 13)
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا مِنْ بَدِيعِ الْكَلَامِ وَجَوَامِعِهِ الَّذِي أُوتِيهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّمْثِيلِ الْحَسَنِ فَإِنَّ حِفَافَ الشَّيْءِ جَانِبَاهُ فَكَأَنَّهُ أَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يُوصَلُ إِلَى الْجَنَّةِ إِلَّا بِتَخَطِّي الْمَكَارِهِ وَكَذَلِكَ الشَّهَوَاتُ وَمَا تَمِيلُ إِلَيْهِ النُّفُوسُ وَأَنَّ اتِّبَاعَ الشَّهَوَاتِ يُلْقِي فِي النَّارِ وَيُدْخِلُهَا فَإِنَّهُ لَا يَنْجُو مِنْهَا إِلَّا مَنْ تَجَنَّبَ الشَّهَوَاتِ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى اجْتِنَابِهَا
5 - (بَاب فِي الْحَوْضِ [4745])
(إِنَّ أَمَامَكُمْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ قُدَّامَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (مَا بَيْنَ نَاحِيَتَيْهِ) أَيْ طَرَفَيْهِ (كَمَا بَيْنَ جَرْبَاءَ) بِفَتْحِ جِيمٍ وَسُكُونِ رَاءٍ وَمُوَحَّدَةٍ مَمْدُودَةٍ (وَأَذْرُحَ) بِفَتْحِ هَمْزٍ وَسُكُونِ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَضَمِّ
ــــــــــــQوَأَكْثَر الْأَحَادِيث صَرِيحَة فِي أَنَّ الشَّفَاعَة فِي أَهْل التَّوْحِيد مِنْ أَرْبَاب الْكَبَائِر إِنَّمَا تَكُون بَعْد دُخُولهمْ النَّار وَأَمَّا أَنْ يُشْفَع فِيهِمْ قَبْل الدُّخُول فَلَا يَدْخُلُونَ
فَلَمْ أَظْفَر فِيهِ بنص
والنوع الثاني شفاعته صلى الله عليه وسلم لِقَوْمٍ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي زِيَادَة الثَّوَاب وَرِفْعَة الدَّرَجَات
وَهَذَا قَدْ يُسْتَدَلّ عَلَيْهِ بِدُعَاءِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي سَلَمَة وَقَوْله اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَة وَارْفَعْ دَرَجَته فِي الْمَهْدِيِّينَ
وَقَوْله فِي حَدِيث أَبِي مُوسَى اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِر وَاجْعَلْهُ يَوْم الْقِيَامَة فَوْق كَثِير مِنْ خَلْقك
وَفِي قَوْله فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة أَسْعَد النَّاس بِشَفَاعَتِي مَنْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه سِرّ مِنْ أَسْرَار التَّوْحِيد
وَهُوَ أَنَّ الشَّفَاعَة إِنَّمَا تُنَال بِتَجْرِيدِ التَّوْحِيد فَمَنْ كَانَ أَكْمَل تَوْحِيدًا كَانَ أَحْرَى بِالشَّفَاعَةِ
لَا أَنَّهَا تُنَال بِالشِّرْكِ بِالشَّفِيعِ
كَمَا عَلَيْهِ أَكْثَر الْمُشْرِكِينَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق
قَالَ الشيخ بن الْقَيِّم رَحِمَهُ اللَّه وَقَدْ رَوَى أَحَادِيث الْحَوْض أَرْبَعُونَ مِنْ الصَّحَابَة وَكَثِير مِنْهَا وَأَكْثَرهَا فِي الصَّحِيح عُمَر بْن الْخَطَّاب وَأَنَس وَجَابِر بْن عَبْد اللَّه وَجَابِر بْن سَمُرَة وَعَبْد اللَّه بْن عُمَر وَعَبْد اللَّه بْن عَبَّاس وَعُقْبَة بْن عَامِر وَكَعْب بْن عُجْرَة وَحَارِثَة بْن وَهْب الْخُزَاعِيّ وَالْمُسْتَوْرِد بْن شَدَّاد وَأَبُو بَرْزَة الأسلمي
الصفحة 56