كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 13)
باب أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالسكينة عند الإفاضة وإشارته لهم بالسوط
الحديث الحادي والخمسون والمائة
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ، قال: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، مَوْلَى الْمُطَّلِبِ، قال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ مَوْلَى وَالِبَةَ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ دَفَعَ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ عَرَفَةَ، فَسَمِعَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَرَاءَهُ زَجْرًا شَدِيدًا، وَضَرْبًا وَصَوْتًا لِلإِبِلِ، فَأَشَارَ بِسَوْطِهِ إِلَيْهِمْ، وَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَإِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِالإِيضَاعِ". أَوْضَعُوا: أَسْرَعُوا. خِلاَلَكُمْ: مِنَ التَّخَلُّلِ بَيْنَكُمْ، وَفَجَّرْنَا خِلاَلَهُمَا: بَيْنَهُمَا.
وقوله: "مولى المطلب" أي: ابن عبد الله بن حنطب.
وقوله: "مولى والبة" بكسر اللام بعدها موحدة خفيفة، بطن من بني أسد.
وقوله: "زجرًا" بفتح الزاي وسكون الجيم بعدها راء، أي: صياحًا لحثّ الإبل.
وقوله: "وضربًا"، زاد في رواية كريمة: وصوتًا، وكأنها تصحيف من قوله: وضربا فظُنتْ معطوفة.
وقوله: "عليكم بالسكينة" أي: في السير، والمراد السير بالرفق وعدم المزاحمة، فإن البر ليس بالإيضاع، أي: السير السريع، ويقال: هو سير مثل الخبب، فبين عليه الصلاة والسلام أن تكلف الإسراع في السير ليس من البر، أي: مما يتقرب به، ومن هذا أخذ عمر بن عبد العزيز قوله: لما خطب بعرفة: ليس السابق من سبق بعيره وفرسه، ولكن السابق من غفر له، وقال المهلب: إنما نهاهم عن الإسراع إبقاءً عليهم لئلا يجحفوا بأنفسهم مع بعد المسافة.
وقوله: "أوضعوا": أسرعوا، هو من كلام المصنف، وهو قول أبي عبيدة في المجاز.
وقوله: "خلالكم" من التخلل بينكم هو أيضًا من قول أبي عبيدة، ولفظه: ولأوضعوا،