كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 13)

{وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ} أي: إنما فعلنا ذلك لحكمة، وهي: إعطاؤنا إياه العلم والعمل.
وقوله: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} أي: الذي يجري ما أراد، لا ما أراد العباد، كما لم يعمل كيدهم في يوسف; وقوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [سورة يوسف آية: 21] ما أعظمها من فائدة لمن فهمها!
{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِين} [سورة يوسف آية: 22] : تقول العرب: بلغ أشده، أي: منتهى شبابه، قيل: الحلم; وقيل: أكثر من ذلك. قوله: {آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} (: العلم: معرفة الأشياء، والحكم: العمل به، وإصابة الحق.
وقوله: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} يعني أن هذا ليس مختصا بيوسف، بل الله سبحانه يجازي المحسنين بخير الدنيا والآخرة، ومن ذلك أنه يجازي المحسنين بإعطائه العلم والحكمة.
{وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [سورة يوسف آية: 23] :
فيه مسائل:
الأولى: قوله: {إِنَّهُ رَبِّي} أن هذا جائز في شريعتهم، بخلاف شريعتنا، لأنها لو كانت سمحة في العمل فهي حنيفية في التوحيد.
الثانية: مراعاة حق المخلوق.
الثالثة: شكر نعمة المخلوق، لقوله: {أَحْسَنَ مَثْوَايَ} .

الصفحة 241