كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 13)

وقال رحمه الله: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} [سورة النحل آية: 120] لئلا يستوحش سالك الطريق من قلة السالكين، {قَانِتًا لِلَّهِ} لا للملوك ولا للتجار المترفين، {حنيفا} لا يميل يمينا ولا شمالا، كفعل العلماء المفتونين {وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [سورة النحل آية: 120] خلافا لمن كثر سوادهم، وزعم أنه من المسلمين.
{شَاكِراً لأَنْعُمِهِ} [سورة النحل آية: 121] ليس كمن نسي النعم، ونسبها إلى نفسه، فصار من المتكبرين {ِ اجْتَبَاهُ} [سورة النحل آية: 121] ليعلم أنه المتفرد بالفضل والتمكين {وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [سورة النحل آية: 121] لتعرف الاستقامة من الاعوجاج عن الحق المبين {وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} [سورة النحل آية: 122] ليعلم أن الدنيا مع الآخرة في اتباع الدين {وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [سورة النحل آية: 122] ترغيبا في زمرة الصالحين.
ثم ختم هذا الثناء العظيم بالأمر الكبير والعصمة والقاعدة الكلية; فقال: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [سورة النحل آية: 123] تبيينا للناجين من الهالكين، وفرقانا بين المحققين والمبطلين، وبين الموحدين من المشركين.

الصفحة 311