كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 13)
وقوله عز وجل قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [سورة الكهف آية: 110] .
فيها خمس مسائل:
الأولى: كون الله فرض على نبيه أن يخبرنا عن نفسه الخبر الذي تصديقه: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [سورة آل عمران آية: 128] .
الثانية: فرض عليه إخبارنا بتوحيد الألوهية، وإلا فتوحيد الربوبية لم ينكره الكفار الذين كذبوه وقاتلوه.
الثالثة: تعظيمه بقوله {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ} [سورة الكهف آية: 110] كما تقول لمن خالفك: كلامي مع من يدعي أنه من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
الرابعة: أن من شروط الإيمان بالله واليوم الآخر أن لا يشرك بعبادة ربه أحدا؛ ففيه التصريح بأن الشرك في العبادة ليس في الربوبية؛ وفيه الرد على من قال: أولئك يستشفعون بالأصنام، ونحن نستشفع بالصالحين، لأنه قال: {وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [سورة الكهف آية: 110] فليس بعد هذا بيان; وافتتح الآية بذكره، براءة للنبي صلى الله عليه وسلم الذي هو أقرب الخلق إلى الله وسيلة، وختمها بقوله: {أحدا} .
اعلم رحمك الله: أنه لا يعرف هذه الآية المعرفة التي تنفعه، إلا من يميز بين توحيد الربوبية وبين توحيد الألوهية تمييزا تاما; وأيضا يعرف ما عليه غالب الناس، إما طواغيت ينازعون الله في توحيد الربوبية الذي لم يصل شرك المشركين إليه، وإما مصدق لهم تابع لهم، وإما رجل شاك