كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 13)

واجباً، وحراماً، وسنَّة، ومكروهاً، ومباحاً، وما هو الأصل؟ الأصل الكراهة، والدليل قوله تعالى في الذين يؤلون من نسائهم، يعني يحلف أنه ما يطؤها قال: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *} [البقرة]، ففي الطلاق قال: {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *}، وهذا فيه شيء من التهديد، لكن في الفيئة قال: {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *} فدل هذا على أن الطلاق غير محبوب إلى الله عزّ وجل، وأن الأصل الكراهة، وأما حديث: «أبغض الحلال إلى الله الطلاق» (¬1)، فهو ضعيف ولا يصح، حتى من حيث المعنى، يغني عنه قوله تعالى: {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *} [البقرة].

يُبَاحُ لِلْحَاجَةِ، ......................................
قوله: «يباح للحاجة» أي: حاجة الزوج، فإذا احتاج فإنه يباح له، مثل أن لا يستطيع الصبر على امرأته، مع أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ أشار إلى أن الصبر أولى فقال: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19]، وقال صلّى الله عليه وسلّم: «لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر» (¬2)، لكن أحياناً لا يتمكن الإنسان من البقاء مع هذه الزوجة، فإذا احتاج فإنه يباح له أن يطلق، والدليل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1]،
¬__________
(¬1) أخرجه أبو داود في الطلاق/ باب في كراهية الطلاق (2178)، وابن ماجه في الطلاق/ باب (2018) عن ابن عمر رضي الله عنهما، انظر: التلخيص (1590)، والإرواء (2040).
(¬2) أخرجه مسلم في النكاح/ باب الوصية بالنساء (1467) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

الصفحة 8